بين أروقة الخيام
عنوان لا يعني أني بدوي الأصل واركب الصحراء، كما أنه لا يعني أني من هواة السفر أو باحث عن اكتشاف أو خارج لصيدٍ وأعود، كل هذا كان في السابق.
أما الآن فهي كلمة تجسدت فيها كل معاني المأساة الحقيقة لكثير من الناس فقد أصبحت كلمة الخيمة تعني النزوح والتشرد، تعني أني اتضور جوعاً وعطشاً أعاني من نقص الماء والغذاء وأبسط حقوقي في الحياة.
“بين أروقة الخيام ” تعني أني أصبت في العراء على شريط حدود إحدى الدول الشقيقة والصديقة والمجاورة وغيرها.
“بين أروقة الخيام” أني جالس بين أروقة خيمتي أنظر الى المأساة التي يعيشها ملايين النازحين مثلي، أتأمل معاناتهم التي بدأت ولم تنته، أبحر في وجوه أطفالهم التي أرهقها التعب والمرض وسوء التغذية ونقص العناية، فكل هذه العلامات تتجسد في وجه طفل يعاني وعرة الطرق حين ذهابه الى مكان لا يصلح لتربية الماشية حتى يكون مدرسةً له، لكن واقعه فرضها على طفولته البريئة التي لا تعرف لماذا كل هذه المعاناة.
أجلس على ذلك الكرسي المصنوع من بعض الخشب والقماش وأروقة خيمتي تلفح وجهي وكأنها رصاصات من بندقية ترميه تارةً رشاً وأخرى دراكاً وتعتمد على سرعة الهواء في ذلك الحين.
انظر الى تلك الخيام التي لا تقي حر الصيف ولا برودة الشتاء، أبكي ألماُ على حالهم وحال الملايين مثلهم منتشرين في مختلف الجهات، هكذا أمضي بعض وقتي.
حتى أصحو من شردة نظر كنت بها، على صوت أحد أبنائي يبكي جوعاُ أو برداً أو عودة آخر من خيمته المدرسية، وقدماه لا تكاد تستطيع التنقل من شدة الطين وصعوبة السير في تلك الطرق الموحلة، فأعلم أن حالي ليس أفضل من حالهم ولم أجلس على باب تلك الخيمة المهترئة بطراً ولكني انتظر حسنةً من بعض المحسنين أسد بها رمق عائلتي وانتظر فرجاً من الله، ثم أعود وأنظر حولي لأرى مئات الرجال جالسين بين أروقة خيامهم ينتظرون مثلي.
محمد العباس (إدلب_كفرنبل)