قصة لاجئ سوري من مخيم الزعتري إلى الدوري البرازيلي
لم تكن ملاعب كرة القدم المؤقتة، وبعض الساحات والشوارع في مخيم الزعتري الذي يعيش فيه حوالي 80 ألف سوري، هي أقصى طموحات حافظ محمود المحمد، فمن الصعب إيجاد البيئة الملائمة لتطوير مهارات المحمد وغيره من المتميزين الرياضيين في ظل الظروف الصعبة وقساوة العيش داخل المخيم، إلا أنه تحدى تلك الظروف واستطاع في النهاية جذب انتباه الوفود الرياضية الدولية التي تجول باحثة في العديد من المناطق عن المواهب الشابة.
حافظ، من مواليد 1/1/2001 وصل إلى مخيم الزعتري مع عائلته قادما من بلدة الغارية الغربية في درعا في عام 2012 وكان عمره آنذاك 12عاما، تاركا خلفه رحلته الدراسية ومتجها نحو الأعمال التي يعين بها والده.
بدأت موهبة المحمد تظهر للمتابعين والمقربين أولهم والده الذي لاحظ موهبة ولده حافظ في كرة القدم، فعمل على دعمه ليمارسه حافظ بعدها رياضته المفضلة بشغف ومتعة تنسيه أعباء اللجوء والشتات فباشر بالاهتمام بتدريبه بنفسه وتشجيعه وإلهامه رغم أحواله الصحية الصعبة.
يروي حافظ قصة رحلته الكروية لـ موقع ” تلفزيون سوريا” قائلا:” كانت بدايتي الكروية باللعب في مركز السيف في مخيم الزعتري، إلى أن قابلني مدربا اسمه محمود عودة وأخبرني أنه يقوم بالتحضير لتشكيل فريق يضم فئة السبعة عشر عاما، ولعبت معه فترة طويلة، حتى قدوم الوفد القطري عام 2016/ واختياري للسفر وتلقي التدريبات هناك “.
التجربة في قطر:
40 يوما في قطر، أضافت تلك التجربة الكثير لـ المحمد حيث استطاع من خلالها تطوير ذاته ورفع مستوى جاهزيته ولياقته البدنية.
وعن تلك التجربة قال “عند قدوم الوفد القطري لم أكن أتوقع أن يختاروني رغم أني أتمنى ذلك، لكن والحمد لله فاللجنة الرياضية القطرية اختارتني أنا و18 آخرين بعد أن تجاوزنا الاختبارات المطلوبة، سافرنا لمدة 40 يوما إلى قطر. خرجنا من المخيم وكانت أول مرة أرى فيها عمان كان كل شيء مختلفا تماما عن حياة المخيم وفور وصول المحمد إلى قطر تلقى الكثير من التدريبات المكثفة المتعلقة باللياقة البدنية، وعن ذلك قال: “طبعا اختلف أدائي بشكل كبير، صرت أمتلك الذهنية والعقلية الصحيحة بدءا من التمركز في الملعب وغيرها من أساسيات الكرة كما ازادت سرعتي و تحسنت لياقتي البدنية، كان لزيارة قطر فائدة كبيرة، وبعد ذلك رجعت إلى المخيم واستمريت لمدة عامين ونصف تقريبا وأنا أطور من لعبي ولياقتي بالشكل الصحيح” .
وأضاف: “بعد عودتي من قطر صارت طموحاتي أكبر وبأنني يجب أن ألعب في دول وفرق خارج الأردن، فمستوى لعبي اختلف وصار أفضل بكثير”.
اللجنة البرازيلية
بعد عودة “حافظ المحمد” من قطر إلى مخيم الزعتري بأكثر من عامين أخبره مدربه في أن هناك لجنة برازيلية قادمة لاختبار اللاعبين واختيارهم للسفر إلى موطن كرة القدم، البرازيل.
امتدت الاختبارات لمدة أسبوع في أحد الملاعب داخل المخيم وكانت تشمل اللياقة البدنية والتسديد والمهارات الفردية والتحكم بالكرة وغيرها من الأساسيات المطلوب توفرها في اللاعب الجيد.
وعن تلك الاختبارات تحدث حافظ ” خلال الاختبارات كانت العيون تراقبني جيدا، قدمت أفضل ما عندي، وهم لاحظوا ما أمتلك من سرعة وتركيز واستيعاب التعليمات وتنفيذها كما يجب، ليتم اختيار خمسة لاعبين من بين 350 للسفر إلى البرازيل واللعب مع أنديتهم وكنت من ضمن هؤلاء والحمد لله”.
أدرك “المحمد” أنه تم اختياره بعد أن تلقى والده مكالمة هاتفية من الوفد البرازيلي الذي طلب زيارة بيتهم والحصول على موافقة والده للسفر، “يومها لم أنم من الفرحة، صرت أحلم أني سأقابل مارسيلو أو ألعب معه”.
حافظ ومارسيلو وحلم ريال مدريد:
يتمتع “المحمد” بالمهارة والسرعة والقوة البدنية، بالإضافة إلى الروح القتالية العالية بحسب وصف العديد من المدربين والمتابعين بدءا من مكان انطلاقته في مخيم الزعتري وحتى وجوده في البرازيل، كل تلك الصفات المتوفرة في اللاعب القادم، جعلت من أصدقائه يطلقون عليه لقب “مارسيلو”، بالإضافة إلى أنه اللاعب المفضل عند “المحمد”.
موضحا ذلك بالقول “أنا أحب الرقم 12 وأحمل هذا الرقم على قميص النادي تيمنا باللاعب “مارسيلو” الذي ألعب في نفس مركزه كظهير أيسر، وأتمنى أن ألعب معه يوما، أو أن أرتدي قميص نادي ريال مدريد، أعلم صعوبة هذا الحلم لكنه ليس مستحيلا، بالتعب والتدريب المتواصل لا يوجد شيء صعب “.
الدوري البرازيلي
مباراة ودية واحدة كانت كافية لانتقال المحمد من نادي في الدرجة الثانية إلى نادي هيزينجي في الدرجة الأولى، بعد الأداء المتميز الذي قدمه في المباراة.
بعد أن حقق الشاب بطولة مع ناديه السابق في الدرجة الثانية، استطاع الوصول إلى ربع النهائي مع ناديه الجديد، إذ ساهم في صناعة العديد من الأهداف وشكل خطورة على المنافس خلال العديد من المباريات، بحسب وصفه، وتحدث عن ناديه الجديد قائلا:” هذا النادي لديه عقد مشترك مع نادي ليون الفرنسي، وهو يقوم بتصدير اللاعبين إليه، ولدي عقد سنوي مدته عام مع هذا النادي البرازيلي، لعبت معهم في الموسم السابق وبدأنا الموسم الجديد الآن وهو يعتبر أكثر صعوبة”. مضيفا:” الشعب البرازيلي يعاملوننا بلطف، وكذلك المدربون واللاعبون، فأنا وزملائي لم نشعر يوما ما أننا غرباء”.
“حافظ محمود المحمد”_ مارسيلو ترك مخيم الزعتري ولم يترك شوقه وحبه لهذا المكان، في ختام حديثه لـ تلفزيون سوريا عبّر عن اشتياقه الدائم إلى مخيم الزعتري وأهله فقال: “أشتاق دائما لأهلي وأصدقائي في المخيم، وإلى ملاعب الزعتري التي ستبقى في ذاكرتي، كما أني أشتاق إلى الطبخ العربي والطعام الذي كنا نعتاد عليه”. خاتما حديثه: “لا أتابع الكرة السورية ولا أعرف عنها الكثير، ولكني إن شاء الله سأرفع رأس بلدي سوريا”.
تعددت مواهب “المحمد” الرياضية فصاحب ال 171/ سم، و63/ كغ، يمتلك مواهب في السباحة وكرة الطاولة ويمارسهما باستمرار حتى أنه قد سبق وحصل على بطولة في كرة الطاولة داخل مخيم الزعتري .
يتم الآن التحضير لفيلم وثائقي يروي قصة حياة “مارسيلو حافظ” وباقي زملائه الأربعة الذين سافروا معه من مخيم الزعتري إلى البرازيل، وعلى الأرجح أن يعرض الفيلم بالتزامن مع انطلاقة بطولة كأس العالم 2022 في قطر.
المصدر: وكالات