خلال جلسة لمجلس الأمن.. ناشطون سوريون يطالبون بمحاسبة نظام الأسد على جرائمه
طالب ناشطون سوريون خلال جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي، يوم أمس الثلاثاء، لمناقشة ملف جرائم الحرب في سوريا، بمحاسبة نظام الأسد وحماية السوريين من جرائمه.
وجرت الجلسة تحت صيغة خاصة تدعى “آريا”، وهي جلسة تعقد عادة للاستماع إلى آراء الأفراد والمنظمات في الأمور التي تدخل في اختصاص مجلس الأمن، وهي صيغة تسمح أيضاً بتجاوز بعض أعضاء المجلس من حق التعطيل عبر استخدام “الفيتو”.
وعقدت الجلسة برعاية مباشرة من إستونيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، ومشاركة كندا، وألمانيا، وجورجيا، وليشتينستن، وهولندا، وقطر، والسويد، وتركيا.
وأدلى ممثلو تلك الدول بكلمات في الجلسة الأولى، ثم ممثلو أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين أيرلندا، والمكسيك، والنرويج، والهند في الجلسة الثانية، بكلمات مماثلة، وكذلك ممثلو ألبانيا، وسويسرا، وأستراليا، ومالطا، وإيطاليا، ولوكسمبورغ، وسلوفاكيا، وأوكرانيا، والدنمارك والاتحاد الأوروبي.
وفي الجلسة الافتتاحية، تحدثت رئيسة الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، كاثرين مارشي أويل، وأستاذ قانون الجرائم والقانون الدولي، البروفسور كلاوس كريس، ثم كل من اللاجئ السوري والمعتقل السابق وناشط في حقوق الإنسان، عمر الشغري، والصحفية والمخرجة السينمائية السورية، وعد الخطيب، والمحامي والناشط السوري، إبراهيم العلبي.
وقالت الصحفية والمخرجة وعد الخطيب في حديثها مخاطبة مجلس الأمن، إنه “من المفترض أن أبدأ حديثي معكم بأن أقول لكم إني أتشرف بأن أكون هنا، لكن لا يمكنني أن أقول ذلك، من أجل الشعب السوري”.
وأضافت: أن “سوريا ليست بخير ما دام بشار الأسد يحكمها، وأنتم ترفضون الاعتراف بذلك، وترفضون التصرف تجاه انتهاكات بشار الأسد”.
وأذكرت وعد الخطيب أنه “إذا كنتم تعتقدون أنني غاضبة، فأنتم على حق بالتأكيد، لقد خذلتمونا، والآن يناقش البعض منكم إعادة العلاقات مع نظام الأسد والتطبيع معه”.
وشددت على أنه يجب العمل على تحميل روسيا المسؤولية عن استهدافها للمستشفيات والمنشآت المدنية، مطالبة المجتمع الدولي بتكثيف جهوده لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب التي يعيشها السوريون منذ أكثر من عشر سنوات.
وأشارت الخطيب إلى أنه “ذات يوم سيعود السوريون إلى الشارع، ومسؤوليتنا أن نتأكد من أنهم لن يواجهوا مرة أخرى جرائم الحرب”، موجهة رسائل إلى المجلس “ما هي الرسائل التي ترسلونها إلينا إذا استمر الإفلات من العقاب؟ هل لا بأس من قتل الناس؟ وقتل الأطفال؟ وتدمير المستشفيات؟ ما هو الإرث الذي ينبغي أن تتركوه إذا لم تحاسبوا مرتكبي الجرائم؟”.
وقال الناشط عمر الشغري إنه “أثناء احتجازي في الفرع 215، تم تكليفي بمهمة ترقيم الجثث، وخلال فترة الاعتقال كان هناك شهر مختلف، تعذيب أقل وجثث أقل وطعام أكثر، أدركت لاحقاً أن ذلك كان بسبب نشر صور قيصر، كان الحراس خائفين”.
وأوضح الشغري أنه “لدينا اليوم أدلة ضد بشار الأسد أكثر من الأدلة ضد النازيين”، مضيفاً أن “الأشخاص الذين صورهم قيصر ذهبوا جميعاً، لقد فات الأوان لإنقاذهم، لكن هناك ملايين كثر لا يزال من الممكن حمايتهم”، مؤكداً على أن “هذا ما أطلبه منكم”.
وقال المحامي السوري إبراهيم علبي العضو في رابطة محامي كرنيكا 37: قبل انضمامي إلى رابطة محامي كرنيكا 37، لم أتوقع أبدا أني سأشهد بعيني ظلم الجمعية التاريخية الذي قرأت عنه في الكتب.. اليوم هنالك فرصة لمحاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا”.
وأضاف: “نحن في الحاضر حضرة الرئيس وهذا الحاضر يعتمد على ما سيقوم به العالم اليوم وأعني الدول والأفراد الحاضرون معنا اليوم.. في الماضي ربما كان هنالك عذر بعدم التحرك لعدم وجود أدلة وتفاصيل، لكنها الآن كثيرة، خاصة في تقرير لجنة التحقيق المستقلة الأخير المكون من 1270 صفحة ويحتوي على آلاف المقابلات، ناهيكم عن تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، الأدلة تدل أن النظام الأسد هو الجاني الرئيسي”.
وأوضح إبراهيم العلبي إلى أن بشار الأسد بارتكابه لهذه الجرائم “فهو يوجه رسالة مفادها أنه يرتكب دون عقاب وهكذا أصبح الموت في سوريا أمرا لا مفر منه”.
وتابع: “سوريا ليست منطقة حرب بل إنها ساحة جريمة، وفي حين أن الحروب قد تنتهي فإن الجرائم تستمر ..مع معرفة مسرح الجريمة والدليل والجناة، لماذا لم يعمل هذا المجلس؟”
وقال رئيس الجلسة التي عُقدت في مجلس الأمن إنه “يأمل في التعامل مع المؤسسات المعنية لتعبئة الفراغ في المحاسبة، والقيام بدوره لجلب العدالة عن الجرائم الجدية التي حصلت في سوريا”.
وأضاف أنه “على الرغم من الجهود المكثفة التي بذلتها الأمم المتحدة وبعض الدول وفاعلون آخرون لمتابعة ما يجري في سوريا، إلا أن الاستجابة كانت قاصرة مقارنة بالفظائع المرتكبة”.
ورحبت “فرقة عمل الطوارئ السورية”، التي أسهمت في تنظيم الجلسة، بما قالت إنه “جهود أعضاء مجلس الأمن الدولي حول الحاجة إلى القيام بعمل، بعد سنوات من الصمت على الجرائم الوحشية لنظام الأسد وحلفائه في سوريا”.
وأشارت فرقة العمل إلى أن هذه الجلسة “تعكس أهمية المحاسبة لمنع حصول جرائم وتجاوزات مماثلة، وتقديم العدالة للضحايا وعائلاتهم وللمتضررين”.
وأكدت على أن نظام الأسد مسؤول عن 90 % من الجرائم التي جرت في سوريا خلال العقد الماضي، وهي أكثر الجرائم قسوة في القرن الـ21، معتبرة أن هذه الجلسة هي “فرصة لاتخاذ إجراءات لمنع القيام بمزيد من جرائم الحرب والالتزام بالقانون الدولي، والحاجة إلى قيام المزيد من الدول بجهود لمحاسبة المتورطين بتلك الجرائم في المستقبل”.
وشددت كلمات مندوبي وممثلي الدول المشاركة في الجلسة على المطالبة بالمحاسبة لمجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية، وضمان العدالة للسوريين، مؤكدين على أن هذه المسؤولية هي “مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي، من أجل سوريا مستقرة ومسالمة”.