قطع الأحجار.. مهنة ستينية لا زالت صامدة في كفرنبل
يستيقظ حسان السلوم في الساعة السابعة من صباح كل يوم، منتظراً اصدقاءه الذين يعملون معه بثيابه الرثة المصبوغة بالغبار الأبيض، حاملا بيده “الزوادة” التي تحضّرها له زوجته بعد أن يحتسيا كأساً من الشاي سوية، لينطلق بعدها إلى جبال كفرنبل الصخرية أو سفوحها البركانية (مقر عمله)، ألا وهو تقطيع الأحجار لاستخدامها في البناء.
يعمل حسان بهذه المهنة منذ ١٨ عاما، وقد شرح لفرش أونلاين أنه لم يتعلمها من أحد، وإنما كانت هواية أعجبته، وساعدته في سد حاجته وتأمين قوت يومه بعد وقبل انشقاقه من شرطة نظام الأسد، لا سيما وأن مردود الوظيفة لم يكن يكفي لإطعام عائلته.
يقول السلوم إنه من المستحيل أن يعمل بمفرده دون مساعديه، مبينا أنه في حال كانت الطلبية من الحجارة البيضاء، يتوجهون إلى الجبال الشرقية من البلدة، وفي حال كانت الطلبية من الحجارة السوداء فتكون وجهتهم بساتين التين الواقعة جنوب البلدة، حيث تتوفر الصخور البركانية بوفرة.
لكل مهنة معداتها الخاصة، حيث كلما ظهرت مهنة ما تظهر معها مستلزماتها وآلاتها، وتقطيع الأحجار ليست بمنأى عن المهن الأخرى، حيث ذكر “السلوم” لفرش أونلاين معداتها قائلا: “هناك أدوات خاصة من أجل الحصول على الحجارة، وأهمها “الدبورة” وهي عبارة عن مطرقة شبيهة برأس الرمح تساعد في هندسة القطعة، بالإضافة إلى “المهدة” مطرقة حديدية تزن حوالي تسعة كيلو غرامات تساعد في تقسيم الحجارة المدورة والكبيرة، والإزميل وكذلك القارص وهو قضيب حديدي طويل رأسه مدبب يستخدم لقلب الأحجار الثقيلة وتحريكها من مكانها”.
وإلى جانب هذه الأدوات يستعمل البعض المتفجرات للحصول على أكبر قدر ممكن من الحجارة، والتي توفر الوقت والجهد، أو التركسات والحفارات الآلية.
تستخدم الأحجار البيضاء في المرتبة الأولى لبناء المنازل، إذ أثبتت جدارتها من حيث المتانة والمظهر، فضلا عن دفئها شتاء وبرودتها صيفا، كما يستخرج منها بعض المواد اللازمة للبناء، كالبحص والرمل ناهيك عن الزينة، بحسب ما أوضح “السلوم” وتابع: “تطورت استعمالات الحجارة بشكل كبير في الآونة الاخيرة، حيث يصنع منها الرخام والبلاط، ومؤخرا بدأ استخدام بقاياها الملونة والصغيرة لإكساء جدران المنازل من الخارج، إذ تضيف إليها رونقا جميلا، بألوانها العديدة ومنها الأسود والأبيض والأصفر والأحمر وغيرها”.
مهنة تعتمد على التحطيم والتكسير بشكل كامل، ما فرض على العاملين بها الابتعاد عن الأماكن المكتظة بالسكان بأكبر قدر ممكن، وهنا برزت الحاجة لآلات أو جرارات لنقلها من تلك المناطق كحال محمد تعتاع أحد السائقين، والذي تتمثل مهمته بتوزيعها لأرجاء المنطقة، وعن ذلك قال لفرش أونلاين: “أحصل على القطعة الواحدة ونسميها “وجه” بسعر 90 ليرة سورية من الأماكن المعروفة فيما بيننا، وعند التوزيع أبيعها بمئة ليرة أو أكثر وفقا للاتفاق مع المشتري، وطبعا أبيعها لأصحاب المنازل مباشرة دون الحاجة لوسيط أو ما شابه”.
يعود ظهور هذه المهنة في إدلب وجبل الزاوية إلى ستينيات القرن الماضي بحسب السلوم الذي بين أن المحافظة تمتلك أنواعاً عدة ينقسم غالبيتها ما بين البيضاء والبركانية (الصوان)، ومع تقدم طرق البناء وأساليبها لا زالت هذه المهنة تحافظ على رصيدها من البيوت المبنية بصخور ممزوجة بعرق جبين أبناءها.
حمزة العمور (كفرنبل، ادلب)