يلُّفكَ الموت..!
مرحباََ أيها الوطن الحبيب
أكتبُ إليكَ وأنا في منْفايَ المنفيّ ، أتناولُ كأساً منَ الموتِ وسيجارةً من الألمْ.
اسمع ماذا سأقولُ لكْ :
إنّي أمارسُ هواياتي اليوميّةَ في لَعب الشنطرنجِ والاستماعِ لأغاني “إبراهيم تاتلس” و”أديب الدايخ” وأخر كلّ ليلةٍ أضعُ رأسي على الوسادة وأستمع لخطب الشيخ ” عبد الحميد الكشك” رحمه الله وأتذكرُ الموت ثمّ أنامُ تاركاً موتي في الأمس.
ومع هذا كلّه فإنَّي أحيا فوق ثراكَ دونَ أملٍ كما يحيا الآخرون ، دون أرضٍ ودونَ عمرٍ وبيتٍ وبسمةٍ كَما يحيا الآخرون.
نعيشُ فيكِ يلاحِقنا الخوفُ ويتبَعنا الموتُ في كلِّ زاويةٍ وفي كلَّ شبرْ.
أعرفُ أنّكِ لا تُباليْ بكلماتي السخيفةِ هذه ، وَلكن كُن واثقاً أيها الوطنُ الحبيبُ إنّنا أيضاً لم نُبالِ ولم نهتمَ بكَ حقَّ الاهتمام !!.
كَيفَ لي أنْ أسميّكَ وطناً ؟
أو كيفَ ليْ أن أُفكرَ في تسميتِكَ ؟
وَجهكَ المُغبّر ، صَدرُكَ المطعونُ بثلاثين مليون سيفْ ، ياسمِينُكَ الذّي سُلبَ من مآقيْكْ ، يَلّفُكَ الموتُ ويعايشُيكَ الخوفُ ويسكنُكَ القهرْ ، كُلَّ هذا وتريدُ منّي أن أسميّكَ وَطناً ؟؟.
أعلمُ يا وطني أنّ الرياحَ تأتي بما لا يشتهي الوطنُ وأنّ مَنْ سهرَ الليالي يكونُ منفيّاً وحزيناً ، وأعلمُ أيضاً ما مدى جرحكْ ، فرغم براءتي وطُهري لم تَمنحني رغيفَ خبزٍ واحدٍ أشكُركَ عليه ولم تَجعلْ منّي إنساناً تُشكرُ عليه !!.
وأخيراً أرجو منكَ بعدَ كُلّ هذه السخافةِ أن تمنحني هويّةً أُعرفُ من خلالها ، وأن تكونَ دائماً بخيرٍ رغم جراحك الممتدةِ من ” درعا إلى إدلبَ ومن القلبِ إلى المريخْ”.
فلا غرابةَ أن أتمنّى لك الخير ، إنّي مثلكَ جريحٌ والجريحُ لا يرغبُ أن يكونَ غيره مثلهْ ، لأنّ الجريحَ إنسانْ..!!
فسلامٌ عليكَ يومَ ثُرتَ ويومَ دُمرْتَ ويومَ نرجعُ فيكَ أحياءْ..!!
محمد مسلم العبيدو