دمشق….الغريقة الحمراء
هنا الوعد والسرّ الصغير، هنا رائحة الياسمين، بنينا أحلامنا هنا، حيث كانت تسكن ابنة الخمسة آلاف عام، ولدت، شبّت، وشابت هنا، كانت قبل أن تُصبَغَ سواقيها باللون الأحمر القاتم، كانت هنا.
نعم هاجرت كما نهاجرُ نحن، احتال عليها السماسرة وتعرضت للموت مئات المرات كما تعرضنا نحن، هاجرت كي لا تحكم بالحذاء المبجل كما حكمنا نحن، وركبت الزورق الورقي مثلنا تماماً!!.
دمشقُ يا فاتنتي العذراء، يا صاحبة الرائحة العطرة، دمشق يا من تهافت على اغتصابكِ ملايين البغال، اصبري يا دمشق، اصبري يا ساقيةَ الحنان يامن سقيتي آبائنا وأجدادنا، اصبري.
قاتلةٌ انتِ بكلِ حجرٍ في أرضكِ الواسعة، بكلِ زهرة ياسمين على أسقف منازلنا، بكلِ تكبيرةٍ ودقةِ جرسٍ، بكلِ خطةِ قلمٍ ودقة قلبٍ انتِ قاتلة!
على أعمدةِ الدخانِ الأسودِ يعلو منزلنا، وحديقتنا الذابلة تموتُ ببطٍ على مكتبِ المسؤول والوزير.
في وادٍ من الأوديةِ المستعرة، دكانٌ صغيرٌ عتيقٌ للعم اسماعيل نأكل منه ونشرب ونلبس منه، ونشتري الزهور والعطور والقذائفَ والصواريخَ المدمرة.
ما أجمل لمعةَ عينيكِ حين ما كنت أهديك زهورَ العمِ اسماعيل، كم أشتهي ملمس الضفائر ِالمعطرة، التي طال فراقها على امتدادِ سبع سنين.
يا عاصمة ألم تدركي بعد!؟، ألم تدركي أنكِ مسمومةً منذُ خمسةِ عقود؟، ألم تعرفي أن الشفاء بالترياقِ باتَ مستحيلا بعدَ كلِ تلك الأعوامِ والسنين!
محمد الموسى