نيويورك تايمز: الأمم المتحدة أعطت روسيا ذريعةً لقصف مشافي إدلب
توصل تحقيق خاص أجرته صحيفة، نيويورك تايمز، إلى أن الآلية التي وضعتها الأمم المتحدة لحماية المشافي والمواقع الإنسانية في إدلب وريفها، فشلت حيث تم استهداف كافة المواقع من قبل طائرات العدوان الروسي ونظام الأسد.
وبحسب ما توصلت إليه الصحيفة، فإن المسؤولين لدى الأمم المتحدة أنشؤوا مؤخراً وحدة للتحقق من المواقع الطبية التي يمتلكونها، ما أعطى روسيا حجة يمكن استخدامها بأن المواقع غير صحيحة وأن الآلية ليست ذات جدوى.
وتوجه الفرق الطبية والإغاثية العاملة على الأرض انتقادات متواصلة للأمم المتحدة التي زودت نظام الأسد وروسيا بمواقع النقاط الطبية التي من المفترض أن تكون مستثناة من العمليات العسكرية، وذلك بحسب القانون الدولي.
وتعرف الآلية التي تم العمل عليها مع الأمم المتحدة باسم “آلية فك الارتباط الإنساني”؛ إلى أنها أثبتت فشلها بعدما دمرت الغارات الجوية بلدات ريف إدلب، مما تسبب بهروب عشرات الآلاف من المدنيين.
وتمكنت الصحيفة من جمع ما يقارب من 18 نقطة تعرضت لضربات عسكرية، وذلك باستخدام البيانات التي حصلت عليها من 5 مجموعات إغاثية، بالإضافة إلى بيانات عامة صدرت من الفرق المتواجدة على الأرض. وبعد فحص المواقع ومطابقتها وجدت الصحيفة أن 27 موقعاً طبياً قد تضرر منذ نيسان، وذلك بسبب هجمات روسيا والنظام.
وكانت الأمم المتحدة شاركت المواقع الإنسانية في إدلب مع قوات العدوان الروسي، وتركيا، والولايات المتحدة، وهي القوى الرئيسية المتواجدة في سوريا، وذلك بهدف عدم استهداف تلك المواقع.
وعلى الرغم من أن الخطوة كانت تطوعية؛ إلا أن القوى الطبية العاملة على الأرض قالت إنها تعرضت لضغوط شديدة من الجهات المانحة ومسؤولي الأمم المتحدة، وذلك لمشاركة مواقعها. وبموجب هذه الضغوطات تم تسليم المواقع إلى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة على اعتباره الجهة المشرفة على آلية فك الارتباط.
ولكن الوثيقة التي اعتمدتها الوكالة، حذرت من أن المشاركة في هذه الآلية “لا تضمن” سلامة المواقع أو سلامة الموظفين العاملين بها. وفوق ذلك، ذكرت الوثيقة إنها لن تقوم بالتحقق من المواقع التي حصلت عليها، وأنها لا تطلب من نظام الأسد، أو روسيا، او تركيا، أو الولايات المتحدة أي اعتراف يؤدي إلى تمييز هذه المواقع على أنها مواقع غير عسكرية ولا تشملها الهجمات.
وكان من المفترض أن تؤدي هذه الآلية إلى احترام قوانين الحرب، إلا أن قوات نظام الأسد مدعومة بقوات العدوان الروسي تصرفت وكأن نظام فك الارتباط غير موجود، حيث سجلت الجماعات المراقبة ما لا يقل عن 69 هجوماً على المواقع الطبية الموثقة وذلك منذ تشرين الأول 2015.
ونتيجة للضربات المتكررة على المواقع التي يفترض أنها محمية، قرر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في آب/ إنشاء لجنة تحقيق خاصة للنظر في مواقع الهجمات، خصوصاً للمواقع التي تدعمها الأمم المتحدة.
ولكن وبدلاً من النظر في كامل المواقع، قرر المحققون النظر في 7 مواقع فقط من أصل عشرات المواقع المستهدفة منذ نيسان. ومن الممكن ألا تحدد اللجنة هوية الجناة، ومن غير الواضح ما إذا كانوا سيقومون بنشر التقرير من الأساس.
واعترف المسؤول الإنساني رفيع المستوى في الأمم المتحدة بوجود عجز كبير في الثقة ضمن الآلية مع أولئك المشرفين عليها”، وذلك بحسب ملخص الاجتماع الذي اطلعت عليه الصحيفة. وقالت الجماعات الإغاثية إنها تتعرض للخطر بسبب مشاركة مواقعها مع الأمم المتحدة.
وبسبب الضغوطات قررت الأمم المتحدة أخيراً تعيين موظفين للتحقق من المواقع بشكل منفصل، لمنع إرسال معلومات خاطئة إلى الأطراف المتحاربة، حيث قال المسؤولون في السابق، إنهم لا يمتلكون القدرات الكافية لتوظيف المزيد من الأشخاص.
وأدى تقاعس الأمم المتحدة عن التحقق من صحة المواقع إلى مناورة روسية، حيث تدعي روسيا أن المواقع غير صحيحة ولا يوجد جهة محايدة قد تحققت منها مما يبرر استهدافها.
وتتعمد طائرات العدوان الروسي قصف البنى التحتية وخاصة المراكز الصحية والمشافي في المناطق المحررة للضغط على المدنيين وتهجيرهم إلى مناطق أخرى، في حين تقوم تلك الطائرات بتدمير ما تبقى من منازل ومرافق في أرياف إدلب وخاصة الجنوبي والشرقي.