جاء في كتب التراث أن ابن السماك دخل على الخليفة هارون الرشيد يوما، فبينما هو عنده إذ استسقى ماء، فأتى بقلة من ماء، فقال لابن السماك عظني، فلما أهوى بالماء إلى فيه ليشربه قال له ابن السماك: على رسلك يا أمير المؤمنين، أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو منعت هذه الشربة فبكم كنت تشتريها؟ قال: بنصف ملكي، قال: اشرب، هنأك الله، فلما شربها، قال له: أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو مُنعت خروجها من بدنك فبماذا كنت تشتريها، قال: بجميع ملكي، قال ابن السماك: إن ملكا قيمته شربة ماء وبولة لجدير ألا ينافس فيه! فبكى هارون الرشيد.
الكلى من أكبر نعم الله على الإنسان –وكل نعمه كبيرة- وهي تقوم بتنقية دم الإنسان وإزالة الفضلات والماء الزائد وطرحه من الجسم عبر البول. فكيف تعمل؟ وكيف نحافظ عليها سليمة معافاة؟
لدى الشخص كليتان، والكُلية شكلها يشبه حبة الفاصولياء، وحجمها بحجم قبضة اليد. تقع أسفل القفص الصدري، كل واحدة على جانب العمود الفقري. وترشح الكلى السليمة نحو نصف كوب من الدم كل دقيقة، وتزيل الفضلات والماء الزائد. ويتدفق البول من الكليتين إلى المثانة من خلال أنبوبين رقيقين من العضلات، يسمى كل أنبوب الحالب، وتخزن المثانة البول.
تزيل الكلية النفايات والسوائل الزائدة من الجسم، كما تحافظ على توازن صحي من الماء والأملاح والمعادن، مثل الصوديوم، والكالسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم في الدم، ومن دون هذا التوازن لا تعمل الأعصاب والعضلات والأنسجة الأخرى في الجسم بشكل طبيعي.
كما تصنع الكلى هرمونات تلعب دورا في السيطرة على ضغط الدم، وإنتاج خلايا الدم الحمراء، والحفاظ على صحة العظام عبر إنتاج شكل نشط من فيتامين (د) الذي يعزز قوة العظام.
كيف تعمل الكلى؟تتكون كل كلية من نحو مليون وحدة تصفية تسمى “النيفرونات” (nephron)، ويحتوي كل نيفرون على مرشح اسمه “الكبيبة” (glomerulus)، وأنبوب صغير. وفي النيفرون تقوم الكبيبة بترشيح الدم، وتقوم الأنابيب بإعادة المواد اللازمة إلى الدم، وإزالة الفضلات، وهذه الفضلات مع الماء الزائد تصبح البول.
ويتدفق الدم إلى الكلية من خلال الشريان الكلوي، وتنقسم الأوعية الدموية الكبيرة إلى أوعية دموية أصغر وأصغر حتى يصل الدم إلى النيفرون.
يدور الدم عبر الكلية عدة مرات في اليوم. في يوم واحد تقوم الكليتان بتنقية نحو 150 لترا من الدم، يرجع معظم الماء والمواد الأخرى التي تم ترشيحها عبر الكبيبات إلى الدم بواسطة الأنابيب، فقط لتر إلى لترين تصبح بولا.
يتدفق الدم إلى الكليتين من خلال الشريان الكلوي، ويخرج عبر الوريد الكلوي، ويحمل الحالب البول من الكلية إلى المثانة.
ما أسباب مرض الكلى المزمن؟مرض الكلى المزمن داء يصيب الكلية، ويحدث عندما تتعرض لأضرار فلا تعود قادرة على تنقية الدم من السموم وطرح الفضلات كما ينبغي، مما يسبب تجمع السموم في الجسم، ويؤدي إلى مضاعفات على صحة الشخص، وقد يقود في النهاية إلى الفشل الكلوي، وهو ما يتطلب إجراء غسيل للكلى أو زراعة كلية جديدة.
هناك العديد من أسباب مرض الكلى المزمن مثل:
1- مرض السكري.
2- مرض ارتفاع ضغط الدم.
3- المشاكل الخلقية في الكلى.
4- حدوث التهاب في كبيبات الكلى (Glomerulonephritis).
5- حصى الكلى.
6- التهابات المسالك البولية، وتحدث عندما تدخل الجراثيم في المسالك البولية وتتسبب في أعراض مثل الألم والحرقان أثناء التبول والحاجة المتكررة للتبول، وتؤثر هذه الالتهابات غالبا على المثانة، لكنها تنتشر في بعض الأحيان إلى الكليتين، وقد تسبب الحمى والألم في الظهر.
7- الأدوية والسموم، فمثلا استخدام كميات كبيرة من مسكنات الألم التي لا تحتاج إلى وصفة طبية لفترة طويلة قد يكون ضارا بالكلى. بعض الأدوية الأخرى والسموم والمبيدات الحشرية والمخدرات مثل الهيروين يمكن أيضا أن تسبب تلف الكلى.
حصى الكلىحصى الكلى هي قطع صلبة تتكون من مواد موجودة في البول، وتتركب من بلورات صغيرة، وتكون صغيرة بحجم حبة الرمل، أو كبيرة بحجم لؤلؤة مثلا، وقد تتكون في الكلى أو الحالب وهو الأنبوب الذي ينقل البول من الكلى إلى المثانة.
وتنزل معظم الحصيات البولية مع البول دون الحاجة إلى مساعدة الطبيب، ولكن في بعض الأحيان تعلق الحصاة ولا تنزل، كما أنها قد تسد المجرى البولي؛ مما يؤدي إلى حدوث آلام حادة.
والآلية الأساسية في تكوّن الحصى هي انخفاض حجم البول، مما يؤدي إلى تركزه، ومن ثم بدء ترسب البلورات وتطورها إلى حصى، ويحدث هذا عادة عند عدم شرب كمية كافية من السوائل.
ويقال إن ألم حصى الكلى هو الألم الوحيد الذي يساوي ألم الولادة، وذلك بسبب شدته وطبيعة الحصى التي تضغط على نسيج الكلية أو الحالب بشكل مباشر، وفي المقابل فإن حصى الكلى أكثر شيوعا لدى الرجال منه بين النساء.
أبرز الأنواع:1- حصى الكالسيوم، وتحتوي عادة على الأوكسالات أو الفوسفات أو الكربونات، وتعد أكثر أنواع الحصى شيوعا، كما أن احتمال الإصابة بها أعلى لدى الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين عشرين وثلاثين عاما.
2- حصى حمض اليوريك، وهي أكثر شيوعا لدى الرجال، وقد تحدث مع الإصابة بداء النقرس والعلاج الكيميائي.
3- حصى الستروفيت، وهي أكثر شيوعا لدى النساء المصابات بالتهاب المسالك البولية، وقد تكون كبيرة الحجم لدرجة تُسد فيها الكلى أو الحالب أو المثانة.
4- حصى السيستين، وتصيب الأشخاص الذين لديهم مرض وراثي يؤدي إلى إفراز الكلية كمية كبيرة من هذا الحمض الأميني
من عوامل الخطورة:
1- الجفاف، أي عدم الحصول على الماء الكافي.
2- التعرق الغزير، فالأشخاص الذين يعيشون في بيئة حارة أو الذين أجسامهم غزيرة العرق معرضون أكثر للجفاف، وبالتالي ترتفع لديهم مخاطر الحصى.
3- السيرة المرضية العائلية، إذ تلعب الوراثة دورا في الاستعداد للمرض.