الأرض تشكّلت في 1.5 دقيقة من عمر النظام الشمسي
من خلال قياس نظائر الحديد، أظهر الباحثون في جامعة كوبنهاغن بالدانمارك أن كوكب الأرض تشكّل أسرع بكثير مما كان يعتقد سابقا. ويوفر هذا الاكتشاف رؤى جديدة حول تكوين الكواكب واحتمال وجود الماء والحياة في أي مكان آخر بالكون.
تظهر الدراسة الجديدة التي نشرت بساينس أدفانسز يوم 12 فبراير/شباط 2020، وقام بها مركز تكوين النجوم والكواكب (StarPlan) في معهد غلوب بجامعة كوبنهاغن، أن الأرض الأولية (أول شكل بدائي للأرض) قد تشكلت خلال فترة زمنية تبلغ حوالي خمسة ملايين عام.
وهي مدة قصيرة جدا على مستوى النطاق الفلكي، لدرجة أنه إذا تم اعتبار فترة تكوّن النظام الشمسي المقدرة بنحو 4.6 مليارات سنة بمثابة يوم، فإن النتائج الجديدة تشير إلى أن الأرض الأولية قد تشكلت فيما يقابل الدقيقة ونصف الدقيقة.
نظرية بديلة لتكوّن الكوكب
يرجع السبب وراء سرعة تشكل الأرض إلى الطريقة التي تشكلت بها، حيث تبتعد نتائج البحث الجديد عن النظرية التقليدية المتمثلة في أن الأرض الأولية قد تشكلت نتيجة تصادمات عشوائية بين أجسام كوكبية عبر عشرات الملايين من السنين.
بدلا من ذلك، تدعم النتائج الجديدة نظرية بديلة أكثر حداثة حول تكوين الكواكب من خلال تراكم الغبار الكوني.
يقول الأستاذ المساعد والمؤلف الرئيسي للدراسة مارتن شيلر “الفكرة البديلة هي أننا نبدأ من الغبار الكوني بشكل أساسي، حيث تتجمع الأجسام بحجم المليمتر فوق بعضها بعضا، لتمطر فوق الجسم المتنامي، ليتم تكوين الكوكب دفعة واحدة”.
ويضيف “هذا التصور الخاص بالتكوين السريع للأرض ليس مثيرا للاهتمام فقط فيما يتعلق بنظامنا الشمسي فحسب، إنه أيضا مثير للاهتمام لتقييم مدى احتمال تكوين الكواكب في مكان آخر في المجرة”.
تكوّن النظام الشمسي
مفتاح الاكتشاف الجديد جاء من أكثر القياسات دقة لنظائر الحديد التي تم نشرها حتى الآن بشكل علمي، ومن ثم مقارنتها في النيازك المختلفة، وقد وجد الباحثون نوعا واحدا فقط من المواد النيزكية بتركيب مشابه للأرض، وهو ما يسمى بـ”شودرايتز سي آي” (chondrites CI).
يصف الباحثون الغبار الموجود في هذا النوع من النيزك بأنه أفضل مكافئ لنا في الجزء الأكبر من النظام الشمسي نفسه. لقد كان غبار مثل هذا، إلى جانب الغاز، هما اللذين شكلا قرص المادة حول الشمس التي تشكلت منها الكواكب.
استغرقت هذه العملية حوالي خمسة ملايين سنة، ويقدر الباحثون أن النواة الحديدية للأرض الأولية قد تشكلت أيضا بالفعل خلال هذه الفترة، مما أدى إلى إزالة الحديد المتراكم مبكرا من وشاح الأرض.
وبعد مرور مئات الآلاف من السنين الأولى من عمر نظامنا الشمسي، أصبح الجو باردا بدرجة كافية لانبعاث “شودرايتز سي آي” من خارج النظام للدخول إلى منطقة التراكم في الأرض الأولية.
ويوضح مارتن شيلر أن “غبار سي آي (CI) الإضافي هذا قد طغى على تكوين الحديد في وشاح الأرض، وهو أمر ممكن فقط إذا تمت إزالة معظم الحديد السابق بالفعل في القلب. ولهذا السبب يجب أن يكون التكوين الأساسي قد حدث مبكرا”.
ويضيف شيلر “إذا كان تكوين الأرض عملية عشوائية حيث تم تحطيم الأجسام معا، فلن تتمكن أبدا من مقارنة التركيب الحديدي للأرض بنوع واحد فقط من النيازك. ستحصل على مزيج من كل شيء”.
المزيد من الكواكب
واستنادا إلى الأدلة النظرية الخاصة بأن الكواكب تتشكل من خلال تراكم الغبار الكوني، يعتقد الباحثون أن العملية نفسها قد تحدث في مكان آخر في الكون. وهذا يعني أيضا أن الكواكب الأخرى قد تتشكل على الأرجح بشكل أسرع من تشكلها فقط من التصادمات العشوائية بين الأجسام الموجودة في الفضاء.
ويوضح المؤلف المشارك للدراسة البروفيسور مارتن بيزارو “نحن نعلم الآن أن تكوين الكواكب يحدث في كل مكان. وقد أصبح لدينا آليات عامة لكيفية نشأة الكواكب. وعندما نفهم هذه الآليات في نظامنا الشمسي، قد نتوصل إلى استنتاجات مماثلة حول أنظمة كوكبية أخرى في المجرة”.
ويضيف “إذا كانت نظرية تراكم الكواكب المبكرة صحيحة حقا، فمن المحتمل أن يكون الماء مجرد ناتج ثانوي لتكوين كوكب مثل الأرض، مما يجعل مكونات الحياة، كما نعرفها، أكثر احتمالا في أماكن أخرى من الكون”.المصدر : الجزيرة