منظمات سورية تنظم فعالية لتسليط الضوء على قضية المعتقلين
نظَّمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان فعالية تحت عنوان “النهوض بقضية المعتقلين والمختفين قسرياً مسؤوليتنا جميعاً”، بالتعاون والتنسيق مع المنظمات المؤسسة لميثاق الحقيقة والعدالة، وبمشاركة شخصيات مهتمة بشؤون المعتقلين في سوريا.
وشارك في الفعالية كل من رابطة عائلات قيصر وعائلات من أجل الحرية ورابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا ومنظمتي مسار وتعافي والشبكة السورية لحقوق الإنسان، وبثّت الفعالية عبر منصة زوم وصفحات التواصل الاجتماعي.
وافتتحت الجلسة بالحديث عن مركزية قضية الاعتقال في سوريا، لا سيما أنَّ عمليات الاعتقال والتعذيب ما زالت مستمرة بوتيرة يومية.
وأشار مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن “الاختفاء القسري/ التعذيب في سوريا قد بلغَ حدَّ الجرائم ضدَّ الإنسانية وهي مستمرة منذ صيف 2011 حتى الآن، ولا تنقص هذه القضية بيانات أو آليات، إلا أنَّ هناك إهمالاً في التطبيق “فشل المجتمع الدولي على مدى عشر سنوات في الكشف عن مصير معتقل واحد”.
وأضاف: “لا يعني أن نتوقف عن المطالبة بحل قضية المعتقلين، لأن المطالبة بالمحاسبة هي مسؤوليتنا كناجين، التعويض حق للضحية، وحق لعائلته، وحق للمجتمع أيضاً، ناهيك عن استمرار جريمة الاعتقال حتى اللحظة، كل شهر هناك أعداد إضافية من المعتقلين”.
وأشارت الناشطة في مجال حقوق الإنسان آمنة خولاني إلى أن إطلاق مجموعة من روابط الضحايا “ميثاق الحقيقة والعدالة”: “يشكل الميثاق مظلة مشتركة لمنظمات الضحايا وأُسرهم، ويعدّ خريطة طريق تقدّم رؤيتنا ومطالبنا فيما يخص قضية المعتقلين، كما يُقصد به أن يكون مرجعاً ورؤية استراتيجية متاحة لجميع أصحاب المصلحة ومنظمات حقوق الإنسان وصانعي السياسات وصناع القرار الفاعلين في هذه القضية”.
ولفت العضو في رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا دياب سرية إلى قضية الابتزاز المالي، التي يتعرض لها أهالي المعتقلين من أجل الحصول عن معلومات عن أحبائهم، وقال: “صدمنا بضخامة حجم المبالغ المالية التي تجنيها هذه الشبكات المنظمة من رجال أمن وضباط في الجيش وشبيحة وميليشيات ومتعاونين معهم، وهناك محامون وقضاة متورطون أيضاً في عمليات ابتزاز لذوي ضحايا، كانوا يسعون فقط للحصول على معلومات تعتبر حقاً مشروعاً لهم”.
وأشارت فدوى محمود، العضو في حركة عائلات من أجل الحرية، أن الاعتقال في سوريا ممارسة متأصلة في نظام الأسد منذ عقود، وتحدثت عن تجربتها قائلة: “اعتقلت في حقبة حكم حافظ الأسد وأُبعدت عن أولادي لعامين اثنين، وكان ولدي ماهر وقتئذ في السابعة من عمره، وهو الآن معتقل، وأنا دائماً أقول إنني أخشى اعتقال أحفادي أيضاً مستقبلاً، ولهذا نعمل من أجل إنهاء هذه المنظومة وهذا الاستبداد”.
وأكدت أنَّ للعائلات حقاً في معرفة الحقيقة والحصول على معلومات عن أبنائها المغيبين. وقالت: “أحياناً أشعر بالتعب والإحباط، وأبكي، حالي كحال بقية السوريين، لكن لا بدَّ من أن أستمر في العمل؛ لأن أولادنا في أمسِّ الحاجة إلينا، هم في أمسِّ الحاجة لصوت يقول (هؤلاء مَن يستحقون الحياة وليس الأنظمة الاستبدادية)”.
وتحدثت رئيس رابطة عائلات قيصر مريم الحلاق عمّا عانته وكثير من العائلات أمثالها، “استلمت شهادة وفاة ابني أيهم، كما استلم العديد من السوريين شهادات وفاة لأبنائهم، جميعهم توفوا إثر توقف في القلب والتنفس، وهذه الشهادات ليست ذات مصداقية، فالبعض ممن استلم ذووهم شهادات وفاتهم عادوا إليهم بعد مدة”.
وأشارت إلى ألم الفقد اللحظي والانتظار المستمر الذي تعيشه العائلات في ظلِّ تغييب أبنائها “لولا ظهور صور قيصر لكنت أنا وعائلات كثيرة ننتظر طوال هذه السنوات، ودائماً ما أتساءل إن كان الانتظار والعيش على أمل اللقاء أفضل، أم أنَّ الخيبة وإغلاق باب الأمل أفضل”.
وأضافت “من حقي أن أستلم رفات ابني، من حقنا دفن أحبائنا في مقابر” وحثَّت السوريين في بلدان اللجوء على مناصرة قضية المعتقلين وضحايا التعذيب بشتى الطرق المتاحة.
وقدَّم مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني مجموعة من التوصيات، اشتملت على: أنه لا بدَّ من تكثيف الجهود في الطلب من الدول الصديقة بأنه لا يكون هناك أي تطبيع للعلاقات مع نظام الأسد، الذي لا يزال يقبع في مراكز احتجازه ما لا يقل عن 132 ألف معتقل أو مختفٍ قسرياً.
وأضاف أنه يجب أن تمتد الإدانة والضغوط والمطالبة بالعقوبات إلى حلفاء نظام الأسد، وبشكل خاص روسيا وإيران اللتان تمدان النظام بكل مقومات البقاء، وبالتالي لا يشعر أنه بحاجة لأن يقدم أية تنازلات.
وشدد على دعم المجتمع السوري لأسر المعتقلين والمختفين قسرياً وخاصة المشردين قسرياً منهم، لأنهم الفئات الأكثر هشاشة وفقراً، والأخذ بالاعتبار أنَّ معظم المعتقلين من الرجال، وهذا يعني أنَّ المرأة باتت المعيل الأساسي لأسرتها؛ مما يجعلها في بعض الأحيان عرضة للضغط ولمختلف أنماط الابتزاز.
وطالبت الشبكة السوريةً أن تتبنى إحدى دول العالم ملف المعتقلين والمختفين قسرياً، بما في ذلك الدعوة الأممية لخلق آلية للكشف عن مصير المختفين، وبالتالي تكون هذه الدولة مسؤولة عن متابعة تفاصيل هذا الملف حقوقياً، وقانونياً، وتقدم العون والمساعدة لأسر المختفين قسرياً، وإعادة تأهيل الناجين وبشكل خاص النساء، ودعم منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا الملف، ومن أبرزها المنظمات المؤسسة لميثاق الحقيقة العدالة، والنأي التام بقضية المعتقلين عن مسار أستانا، وعدم تسييس هذا الملف، وخوض مشاورات مع منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا الملف.