“في ليلٍ مُظلمٍ كانتِ الشهادةُ شمساً تضيءُ طريقَ السورييّن إلى النعيم”
محمد مسلم العبيدو “كفرنبل” إدلب”
إذا قُيّدتِ الحياةُ بأغلالِ الظلمِ والتفتْ حول جيدها حبالُ الاستبداد تحوّلَ الإنسانُ من كونه آدميَاً له حواسٌ خمس، إلى إنسانٍ وثائرٍ ومقاومٍ في حينٍ واحد.
وبالأمسِ تجسّدَ ما ذكرَ في ليلةٍ دفعَ فيها الإنسانُ السوريُّ ثمنَ ثورتهِ ورفضهِ للقيّدِ والقمعِ دماً ودمعاً لينالَ حياةً رغيدةً في الدنيا والآخرة ولم يبالي بطائرات ِ “بوتين” وغازاتِ “بشّار الأسد” السّامة، حينما استهدفتْ مدينةً كاملةً دونَ إلّاٍ ولا ذمّةْ.
ليلةُ أمس ناحتْ فيها “سراقبْ” وأنَّتْ فيها “كفرنبل” وأدمعتْ فيها “معرّةُ النعمان” وصاحتْ فيها مناطقُ وقرىً أخرى بريف إدلب، ومُنحتْ فيها تأشيرةُ الدخولِ إلى الجنّةِ لعددٍ من الأبرياءِ العزّلْ، حيثُ كان استشهادهم شمساً ونوراً يضيء لنا ولهم الدرب إلى كرامةِ الدنيا والفوزِ بالآخرة.
قَبلَ يومين كانَ السوريّونَ في إدلبَ على موعدٍ مع السعادةِ المؤقتة، حيثُ تمّ اسقاطَ طائرةٍ حربيَّةٍ روسيَّةٍ في أجواءِ مدينة “سراقب” وقتل الطيَّارِ الروسيَّ المكلّفِ بالقتلِ والتشريد، ويعلمُ المدنيّونَ أنّهم وأبناؤهم سيكونون ضحيَّةَ الطائرةِ والطيّار، ورغمَ علمهم بِهذا لم يهابوا غضبَ نظامِ الأسدِ وجلاوزته، فحرّروا قرىً واستعادوا نقاطاً وقتلوا من جيشِ الأسدِ العديد.
وخيرُ دليلٍ على تضحية هذه المدن كانَ يومَ أمس، حيثُ تعرضتْ لأكثر من مئةٍ وثمانينَ غارة جويَّة في أقلَ من ساعةٍ استشهدَ خلالها أكثر من ثلاثينَ مدنيّاً وعشراتِ الجرحى ومئاتِ الآهاتِ وآلافِ الدموع بسببِ حقَّ الإنسانِ بالعيشِ والكرامةْ.
حقٌّ سَلَبَه نظام آل الأسد لأكثر من خمسين عاماً، خمسونَ عاماً كانَ الإنسانُ السوريُّ معتقلاً ببيتهِ وملاحقاً في صلاتهِ دونَ رادعٍ يكفُّ بطشَ النظام عن شعبِ سوريا.
السوريّون في إدلبَ ألِفوا البُكاءَ واعتادوا الموتَ وصارَ الموتُ يلاحقُهم حتّى على سُفَرِ الطعام ورغمَ كلِّ هذا ما وهنوا ولا استَكانوا في وجهِ البعثيّينَ والصفوييّنَ والروسْ.