إطلاقُ النارِ في الأعراسِ أسلوبُ السفهاءِ والمتهوَّرين
إنَّ ظاهرةَ إطلاق النار في الأعراس تعتبرُ قضيَّةً شائكةً تجسَّدُ وجه العنفِ وتشكَّلُ وبأً في المجتمع، وخاصَّةً في المجتمع السُّوري الَّذي يعاني من ويلاتِ الحرب الَّتي شنَّها نظامُ الأسد وحلفاؤه على المدنيين في سوريا.
فكم انقلبت الأفراحُ إلى أحزانٍ بسبب هذه الظاهرة الَّتي يمارسها سفهاءُ الأحلام من المراهقين وهم المبادرون بإطلاق النار في عمليَّةٍ تنافسيَّةٍ بين بعضهم البعض وتقليدٍ أعمى، وربما اتخذها بعضهم كرمز للرجولة، في ظلَّ غياب الوعي المجتمعي، وصمت العقلاء وأهل الرأي عن إنقاذ الموقف، والأخذ على أيدي هؤلاء الفتية وإسداء النصيحة الواجبة لهم.
هذه الظاهرة راح ضحيتَّها عددٌ ليس بالقليل من الأبرياء الَّذين لا ذنب لهم سوى أنَّهم شاركوا أصحاب الفرح فرحهم، واليوم هو خيرُ دليلٍ على خطورة هذه الظاهرة حيث قتل طفلٌ وأصيب عددٌ آخرٌ في مدينة “طفس” بريف درعا ليتحوَّلَ العرسُ إلى مأتمٍ وعزاء.
كلُّ شيءٍ تحوَّلَ إلى سوادٍ وبُكاء، أمُّ العريس فقدت بهجتها الَّتي انتظرتها سنيناً بطرفةِ عين، والحضور عاشوا لحظاتٍ من الخوفِ والرعب، وذاك الطفلُ القتيلُ لم يعرف قاتله ولم يكن له ذنبٌ سوى أنَّه تجاهلَ بطش نظامِ الأسد وشارك في فرحٍ مؤقتٍ في مدينةٍ لا يهدأُ القصفُ عنها.
لا ينطحُ عنزان حول رفض هذه الظاهرة المؤلمة والمميتة أحياناً، والَّتي تشيرُ إلى تخلَّفٍ أخلاقيٍّ عند من يمارسها فلو كان غير ذلك لما لجأ لمثل هذه الممارسة التَّي تشكَّلُ تلويثاً جسديَّاً ونفسيَّا، إنَّها ظاهرةٌ يقول من يمارسها للمجتمع إنَّه لا يهتمُّ بهم ولا يحترمُ رغباتهم ومناسبتهم.
إنَّ علاج هذه الظاهرة يكون برفع الوعي وأن يكونَ للمجالس المحليَّة والشرطة الحرّة في المناطق المحررة في سوريا دوراً فعَّالاً في ردع هذه الظاهرة، ووضع الحلول المناسبة والوسائل البديلة في التعبير عن الأفراح والابتهاج.
درعا لم تكن المدينة الأولى الَّتي شهدت هذه الظاهرة، والقتيلُ ليس هو أولُّ ضحيَّة من ضحايا رعونةِ الشباب وطيشهم، بل ما تزال هذه الأفعالُ منتشرةً في شتَّى المجتمعات العربيَّة في ظلَّ غياب الرقابةِ وازياد طيش الشباب الَّذين يعتقدونَ أن الرصاص يعبَّرُ عن فرحهم ورجولتهم.
محمد مسلم العبيدو (كفرنبل_إدلب)