في الذكرى السنوية الأولى لكيماوي خان شيخون.. دوما تختنق والقاتل لا يزال طليقاً
لم تمضِ إلا عدة أيام قليلة على مرور الذكرى السنوية الأولى لمجزرة خان شيخون الكيماوية، والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والمئات من المصابين ممن استنشقوا غاز السارين السام، ذلك اليوم الذي حفر في عقول كل من عاشوه ليكون كابوساً عليهم.
سيبقى الكابوس يلاحقهم حتى ينال القاتل جزاءه في العقاب، حتى عاود نظام الأسد استخدام الغازات السامة في قتله للمدنيين، مدينة دوما في الغوطة الشرقية كانت ضحية استهدافها بالغازات السامة هذه المرة.
فبعد تهجير كل المناطق المحيطة بها إلى الشمال السوري، وبسبب رفض ثوارها والفعاليات المدنية فيها لعملية التهجير القسري التي يتبعها نظام الأسد والمليشيات الإيرانية لإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، كان لابد للنظام من استخدام كل ما يملك من أسلحة فتاكة لقتل الأهالي في المدينة وإخضاعهم إلى التسوية والخروج من مناطقهم إلى الشمال السوري.
مجزرة دوما والتي ارتكبها نظام الأسد بقصفه للمدينة بغازات سامة راح ضحيتها المئات من الشهداء والمصابين ممن استنشقوا الغازات السامة والذي مصيرهم لا يزال مجهولا، بسبب ندرة وجود المشافي والتي تدمرت غالبيتها نتيجة القصف على المدينة في أوقات سابقة، لا أحد من أهالي المدينة يعرف ماذا يفعل فلا سبيل ولا حتى طريقاً مفتوحا يستطيع من خلاله الأهالي إنقاذ المصابين، في تلك اللحظات كان كل ما يحدث بالغريب، فمن لم يصب بالغازات السامة كانت الصواريخ تلاحقه وكان كل شيء في ذلك اليوم أشبه بالمستحيل.
وما زاد الأمر سوءاً هو الحصار المفروض من قبل قوات الأسد على كامل أطراف المدينة، كانت تلك المجزرة في دوما وخلال الهجوم الأخير والذي تنفذه قوات النظام منذ عدة أسابيع على المدينة مختلفاً، مختلفٌ لدرجة كبيرة فلا دماء تملأ المكان، مئات المدنيين ماتوا بصمت في ذلك اليوم دون أن يكون منظر الدماء طاغياً هذه المرة.
وبعد أن قصفت قوات النظام دوما بالغازات السامة، عاودت قصف المدينة بأنواع مختلفة من الأسلحة منها الطيران والقذائف والصواريخ وكأنها رسالة إلى الأهالي بأن الموت هو السبيل الوحيد للنجاة، تاريخ السابع من أبريل نيسان لعام 2018، تاريخ قد لا ينساه أهالي الضحايا والمصابين وممن نجا في ذلك اليوم، تاريخ سيكتب بحروف سوداء، فالمجازر في سوريا تكاد لا تتوقف أبداً.
لطالما كانت مدينة دوما عرضة الاستهداف من قبل قوات النظام خلال السنوات الماضية، فبعد حصار الغوطة الشرقية بشكل كامل من قبل النظام والمليشيات الإيرانية، مدينة دوما وخلال السنوات الماضية قد دفعت ضريبة كبيرة لصمودها في وجه النظام وحلفائه، حيث قدمت الآلاف من أبنائها ممن استشهدوا إما دفاعاً عن أرض الغوطة والقسم الآخر مات إما بقصف جوي أو مدفعي، قتل وحصار ودمار هو ما كان يعيشه أهالي المدينة يوميا.
وفي شهر آب أغسطس من العام 2013، قدمت مدن وبلدات الغوطة الشرقية ما يزيد عن 1450 شهيداً والمئات من المصابين ممن استنشقوا غاز الكلور السام ،حيث أقدمت قوات النظام على استهداف العديد من المدن والبلدات بغاز الكلور دفعة واحدة ما أدى إلى أكبر وأفظع جريمة بالعصر الحديث وفي تاريخ الثورة السورية منذ انطلاقتها ،فبعد ذلك اليوم كان جميع خطوط أوباما الحمراء قد ذهبت مع الريح بل وأكتفت إدارته في تلك الأحيان بعقد صفقة مع الروس لتدمير مخزون النظام من الأسلحة الكيميائية ومع ذلك وبعد تلك المجزرة أصبح السلاح الكيميائي إحدى أبرز الأسلحة التي تستخدمها قوات النظام في قتل السوريون.
قد تمر هذه المجزرة المروعة أيضاً من دون عقاب لنظام الأسد فهو يعلم أن لا أحد يريد أن يحاسبه وهو ما قد يدفع النظام إلى استخدام هذه الأسلحة بكثرة خلال الفترة القادمة، بسبب عدم وجود أي رادع أخلاقي أو قانوني.
عام مضى على مجزرة خان شيخون الكيماوية والتي مرت دون أي عقاب لنظام الأسد إلا بدغدغة قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وبعد تصريح ترامب بأن الأسد سيدفع الثمن، حيث استهدفت إحدى البوارج الأمريكية قاعدة الشعيرات العسكرية والتي كانت منطلقاً للهجوم على المدينة وبعد كل ما حدث عاود الأسد استهداف المدنيين بالكيميائي وفي ذكرى مرور عام كامل على قصف قاعدة الشعيرات فهل سنشهد رداً أمريكي قاسياً وعقاباً للنظام وأم أن كل ما يحصل هو عبارة عن مسرحية يشارك الجميع في تأليفها.
حمزة العبد الله (إدلب, كفرنبل)