دمشق.. مدينة الياسمين بين الماضي والحاضر
مدينة دمشق في الجنوب السوري وهي العاصمة السورية منذ زمن بعيد وتعد من أقدم المدن، تحدث عنها الرسول الكريم في عدة مواقف وسافر اليها، وتعتبر قلب العروبة النابض، بالإضافة الى كونها مزاراً لكثير من البلدان العربية لطبيعتها الجميلة وعمرانها القديم وما تملكه من قيمة أثرية تجعلها محط أنظار العالم.
يقصدها الناس من كل حدب وصوب ففيها الجامع الأموي وقبر السيدة زينب، وفيها قصر العظم وسوق الحميدية المشهور وفيها شموخ جبل قاسيون وطبيعة الغوطة الخلابة.
ويمتاز أهلها بالرجولة والشهامة ومحافظتهم على التقاليد العربية الأصيلة وفيها العديد من الأديان تتعايش كأنهم روح واحدة بأجساد مختلفة.
سميت دمشق بهذا الاسم منذ زمن بعيد ويعني الأرض المسقية، ويخرقها نهر بردى الذي حول ربوعها إلى جنة على الأرض، وتغزل فيها الكثيرون من الشعراء وأسماء تليق بجمالها وأهميتها فكانت في عيون أهلها ياسمين الشام والفيحاء، وفي عهد العثمانيين كانت “شام شريف” بالإضافة الى أنها باب الكعبة ومدينة الياسمين.
هكذا كانت دمشق حتى عام 1970 حين استلمت عائلة الأسد، السلطة في سورية بالقوة العسكرية، وبدأت تتحكم في كل شيئ فيها، حتى في أهلها وسكانها بدأت تتغير دمشق يومًا بعد يوم فعمد نظام الأسد على التغيير الديموغرافي منذ توليه الحكم في سورية.
أستقطب مواليه من كل أنحاء سورية وبدأ بوضعهم في المناطق الحساسة في قلب العاصمة دمشق وأطرافها وجعلها مستعمرة لهم، فكل شيئ فيها أصبح مختلفاً بسبب تسلط موالين نظام العائلة الحاكمة واستئثارهم بالمناصب الحساسة، فبدأ الحقد والنظرة الفوقية وبدأت معالم الناس تتغير ومعالمها تتحول لجهة واحدة، هكذا بقيت دمشق حتى عام 2011 بداية الثورة السورية.
لكن نظام القتل والدمار أخذ بتفريق الناس واللعب على وتر الطائفية، فأصبح الجارين أعداء والأقرباء متصارعين، وبدأ نظام الأسد حرباً فرّق فيها أبناء الوطن الواحد، وبدأ بتهجير سكان المدن، وزرع مليشيات طائفية أتت من العراق وأفغانستان وإيران ولبنان للقتال من أماكن أخرى لتأجيج نار الفتنة في المدينة حتى اندلعت حرب طاحنة بدأت تحصد كل شيئ فيها البشر والحجر وتخلف المزيد من الحقد وحب الدم والعمل على اراقته بكل شراهة وعنف.
وبدأ العمل من قبل نظام الإجرام وحلفائه على التغيير الديموغرافي الحقيقي وبدأوا بتهجير سكان مدينة الياسمين ممن ثار عليهم وطالب بحريته وكرامته، وإعادة مدينته الحبيبة الى بساطتها وطيبة أهلها بعيدًا عن حقدهم وتسلطهم.
وبعد سبع سنوات من الثورة السورية أصبحت دمشق خالية من أهلها، سكانها أصبحوا زائفين، واختلط ماء بردى بدماء أهلها الطاهر وأصبح الجامع الأموي للاستهزاء بشعائر الدين، وشموخ قاسيون تحول لقاتل الياسمين في الشام، وسوق الحميدية أصبح لتسويق الحقد، وقصر العظم لتمرير المشاريع الطائفية.
هذه هي دمشق، شام العروبة ومدينة الياسمين كيف أصبحت بلا سكانها وتملؤها رائحة البارود بعد أن كانت رائحة الياسمين تملأ شوارعها وأزقتها القديمة.