عقلُ الجاهلِ شهوته
المصيبة في الجاهل، ليست في كونه قليل فهم، وادعائه بعلم ما لايعلم، ولا بكونه كالعقدة في المنشار يعاكس كل ما هو عقلاني ومنطقي، إنما المصيبة تكمن في تأليه ذاته، حيث أن عقله شهوته ولا شيء سواها، هذه الشهوة تضفي عليه من المتعة ماتجعله يشعر بأنه يمثل رغبة الله، إلى أن يصل لمرحلة يصبح فيها هو الله ، وهو لا يحتاج في ذلك إلى حجة او برهان طالما شهوته هي صاحبة القرار القطعي والتي لا يأتيها الباطل لا من بين يديها ولا من خلفها ، في حين حشد الله سبحانه القادر على كل شيء آلاف الأدلة والبراهين المنطقية التي يثبت من خلالها وجوده وألوهيته . فحين يقول لك الجاهل : اتق الله ، فهو لا يعني في قرارة نفسه أن تتقي الحي القيوم ، بل أن تتقيه هو وان تخشاه هو وأن ترجوه هو وأن تطيعه هو هذا النوع من الجهل المرضي الخطير ، أكثر المصابين فيه هم من المؤمنين باي دين من الأديان، وأغلبهم وللأسف من المؤمنين بالإسلام . لهذا البلاء الفادح علاج واحد فقط ، لا يمكن الشفاء بغيره على الإطلاق ، ألا وهو الحرية ! نعم الحرية التي وهبها الله لمخلوقاته العاقلة، ولو أن الحياة تصير وتستقيم من دونها لمنعها عن خلقه، حاور ابليس اللعين وجادله وتركه حرا ، فلم يقصه ولم يلغه مع قدرته على ذلك ، ولم يرغم الناس على الإيمان او الكفر . قدم لهم كل الأدلة العقلية والحجج المنطقية، ثم قال لهم : فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر . فلا خلاص لنا من كل امراضنا بدون الحرية، هذا ما أراه ، ولا عليم مطلق إلا الله.
عبد الرحمن الإبراهيم (الغدفة_معَّرة النعمان)