بين العام والعام قصص وروايات وحكايات
في الوقت الذي يئنُّ فيه آلاف السوريين في بقع جغرافية قد ضاقت على قاطنيها، وجرت مياه الأمطار من تحت عوازل لا تقيهم برد شتاءٍ هو الأقوى خلال عدَّة سنوات مضت.
ليس ببعيد عنهم تقام الاحتفالات وتقوم المراقص الجماعيَّة وتدفع الملايين، التي لو سخِّرت لصالح مخيَّمات اللجوء في الداخل لوقتهم الموت البطيء من البرد.
لم يكن غريباً أن تتكلَّف مدينة صغيرة في قدرها كـ “دبي” قَطنت على مرِّ العصور في خيام بدويَّة اعتاشت على الرعي والترحُّل مئات ملايين الدولارات، في سبيل إظهار قناعها الجميل للعالم المتحضِّر وإخفاء وجهها القبيح المتجسِّد بأميرها الذليل.
لم يكن غريباً أن تدنَّس الأرض المقدسة قبلة رسول الله محمد صل الله عليه وسلم في هجرته
(المدينة المنورة) بأقدامٍ ارتهنت الشَّرف أمام العملات، ويُجمع حولهم آلاف الناس كنَّا قد ظننا سابقاً أنهم أشراف الأرض وتبيَّن لنا بعد ذلك التَّجمع أنَّهم أشرارها.
ليس غريباً أن تحتفل بقعة جغرافيَّة صغيرة لطالما عرفت بخاصرة سوريا الجنوبية ولطالما عاش قياديها ورؤسائها تحت حذاء باتوا اليوم يلمِّعون صورته بل وصل بهم الأمر أن جعلوه قدوة لهم، في وقت ضيَّقوا الحياة على من احتواهم في وقت سابق وفتحوا لهم البيوت والمدارس والمساجد.
ليس غريباً أن تصرف الملايين في دولةٍ يعيش شعبها على تسوُّل حكومتها التي رهنت شرفها وسيادتها لأولياء الأمر ممن لم يكن لهم من أمرهم شيئاً، وقطعت الماء والكهرباء عمَّن شرَّدتهم آلة نظامهم الحربية.
ليس الغريب أن تعمَّ الاحتفالات مدن العالم أجمع، بل الغريب كل الغرابة أن يحتفل معهم من هرب ونزح ولجأ إلى دولة لا يوجد في قاموسها باب للإنسانية يترك لها مجالاً للتعاطف مع مدنيي سوريا بل وباتو قبلةً للمنتقدين والمهاجمين والأحزاب اليسارية في البلدان التي احتوتهم تحت ذريعة الهرب من الموت.
صيحات الاستغاثة هنا، وأصوات قرع الطبول هناك.
النيران اشتعلت في كلِّ مكانٍ هنا، والألعاب النارية قد غطَّت السَّماء هناك.
الهروب من الموت عمً الأجواء هنا، والاجساد المتراقصة منتشرة هناك.
إلَّا أنَّ الشَّرف والعَّزة والشموخ قد استُفرد به هنا، وعجزت كل الدول أن تنال واحدةً منها تشفع لها في عيون شعب لم ينكسر ولم ينحني تحت سقف خيمة لم تقهم حتى أصوات الاحتفالات هناك.
محمد السطيف (كفرنبل_إدلب)