فرشهم الأرض ولحافهم السماء
لقد خرجوا مكرهين تاركين بيوتهم وعيونهم معلقة في أفنائها خرجوا تاركين ذكرياتهم تحت الركام.
خرجوا تائهين دون وجهة مقصودة وعيونهم تذرف الدموع ليس من غبار الرماد المتناثر في كل مكان، بل من قلوب تنفطر ألماً وحزناً وشوقاً للماضي وخوفاً من المستقبل.
ذلك المستقبل الذي أخذهم إلى ذلك المكان إلى بيوت مصنوعة من قماش ليس لها نوافذ ولا جدران، بيوت لا تقوى على الصمود طويلاً في شدة الإعصار وهدرة الأمطار.
بيوت لا يمكنها أن تمنع صقيع الشتاء من التهام جلودهم، لم يكن هنالك من خيار ولم يكن بإمكانهم الجلوس تحت لحفٍ دافئة فسيول الشتاء قد جرفت كل شيء وراح هباء.
لم تعد ترتسم على شفاههم ابتسامات المساء ولم يكن الصباح بأحسن بهاء، وتنهيدات من قلوب حائرةٍ ممزقةٍ، إلى أين المفر وإلى متى هذا العناء؟.
لقد سقطت من شدة البرد حتى الأمنيات، لقد جمد الشتاء كل شعور في الحياة إلا شعور البرد الذي استقر في الدماء والجوع الذي يقطع الأمعاء، وأطفال ممزقو الثياب قد تركوا ألعابهم وضحكاتهم خلفهم تحت الرماد.
لم يعد العالم يصغي لشهقات البكاء ولم يعد أحد يشعر بقهرهم وبردهم الذي أخذ أرواح الأبرياء لم يعد بوسعهم إلا الدعاء الذي فتحت لأجله أبواب السماء.
تغريد العثمان (كفرنبل_إدلب)