برسائل صاروخية… هل سينهار اتفاق سوتشي حول إدلب؟؟؟
تتجه الأوضاع في محافظة إدلب إلى مزيد من التعقيد بعد موجة التصعيد العسكري من قبل نظام الأسد والميليشيات الموالية له، رغم أن المحافظة مشمولة بإتفافية سوتشي الموقعة بين تركيا وروسيا في شهر أيلول / سبتمبر الماضي.
والملاحظ من خلال المتابعة الدقيقة للأحداث منذ بداية التصعيد في شهر شباط/ فبراير المنصرم، أن هناك خلافات لاتزال عالقة بين أنقرة وموسكو حول تطبيق بنود الاتفاقية التي منعت النظام من دخول المحافظة عسكريا، بعد استقدامه لتعزيزات عسكرية من كافة المناطق السورية التي دخلها بعد السيطرة عليها بموجب إتفاقيات المصالحة والتهجير القسري إلى السمال السوري، وحشد عشرات الآلاف من جنوده و المرتزقة من المليشيات الموالية له، فقد كان من المقرر أن يتم فتح الطرق الدولية في المحافظة أواخر العام الفائت، إضافة إلى تسيير دوريات مشتركة بين البلدين في المنطقة المنزوعة السلاح، إلا أن رفض فصائل المعارضة السورية، إضافة إلى الرفض التركي حال دون تطبيق هذا البند، وهو ما أرجى فتح الطرقات وتيسير الدوريات، لحين الاتفاق على صيغة جديدة، فروسيا تريد ومن خلال غض النظر على خروقات النظام المتكررة للاتفاقية إلى إرسال رسائل للجانب التركي بأنها لن تتنازل عن أن تكون الدوريات مشتركة في المنطقة منزوعة السلاح، فمن خلال التصعيد لوحظ التدرج في قصف المنطقة منزوعة السلاح بعدة أصناف من الأسلحة، ففي البداية استخدمت القذائف والصواريخ ومن بعدها تم قصف المدن والبلدات بالطيران الحربي ومن ثم تدخل الطيران الروسي إلى توسعة رقعة القصف لتشمل مناطق أوسع، ليس هذا فحسب بل أن الجانب الروسي وفي الكثير من التصريحات حمل الجانب التركي مسؤولية التقصير في تطبيق الإتفاقية، ولو دققنا في أسباب التصعيد بين الجانبين لا نجد أن موضوع إدلب هو الوحيد بل جزء من الكثير من الخلافات بين البلدين حول العديد من المواضيع، كاللجنة الدستورية ومناطق شرقي الفرات، فتركيا رفضت أن يكون هناك أي دور لروسيا أو قوات النظام في المنطقة الشرقية بعد الانسحاب الأمريكي، بل وأصرت على أن تكون تلك المنطقة تحت سيطرتها فقط بالإضافة إلى المعارضة السورية، وهو ما جعل من الروس يتوجهون للضغط على تركيا في ملف إدلب لتحصيل مكاسب ما في المنطقة الشرقية، وذلك من خلال التغاضي عن خروقات النظام المستمرة بل الذهاب في التصعيد لإرسال رسائل صاروخية من خلال الطائرات الروسية التي قصفت العديد من المناطق في المحافظة قبل أيام، وهو ما تريد من خلاله إثبات قدرتها في تعطيل أي اتفاق موقع مع تركيا في حال تم تجاهل مصالحها في باقي الملفات في سوريا.
ويضاف إلى الضغوط الروسية على تركيا، الدور الإيراني، فإيران أعلنت أن الحل في إدلب سيكون عسكريا بعد التوسع الأخير لمن وصفتهم ب”الإرهابين”، وهو ما يعكس رغبة إيران في تعطيل اتفاقية سوتشي كونها لم تكن طرفا فيها بل تم إبعادها عمدا من قبل الجانبين التركي والروسي، فالعلاقة الروسية الإيرانية ليست كقبل، فالبلدين يتنافسان أي منهما يحصل الجزء الأكبر من مصالحه بعد مساعدة نظام الأسد في استعادة عدة مناطق بعد اتفاقية أستانا التي رتبت مناطق خفض التصعيد ليسار إلى السيطرة عليها واحدة تلو الأخرى، ومن هذا المنطلق تعزز المليشيات الإيرانية من تواجدها في محيط المنطقة منزوعة السلاح من أجل خرق الاتفاق، وجر المنطقة إلى حرب جديدة.
ولو عدنا إلى روسيا، فمنذ توقيع الاتفاق لم تتوقف الاتهامات الروسية لفصائل المعارضة بالتحضير لشن هجوم كيميائي تارة وتارة أخرى محاولة الهجوم على قاعدتها الجوية بالطائرات المسيرة إلى اتهامهم بالتحضير لشن هجوم عسكري على مناطق النظام، وكل هذه الاتهامات تصب في مصلحة التحريض المستمرة من قبلها، فهي لا تريد لمنطقة إدلب أن تستقر بل تريد أن تعود السيطرة عليها لقوات النظام من أجل فرض أمر واقع لا مفر منه على كل من تركيا والمجتمع الدولي وخصوصا أمريكا، ولكي يكون الحل في سوريا مرتبطا بالرؤية الروسية بتعويم نظام الأسد في المنطقة، لكن يبدو ذلك صعبا في ظل الرفض التركي لدخول قوات النظام وسيطرته على إدلب، كونها ستكون المتضرر الوحيد من أي حل عسكري في المحافظة، وخصوصا أن المنطقة تحتوي قرابة الثلاثة مليون سوري لا مكان لهم ينزحون إليه سوى الحدود التركية، إضافة إلى أن أنقرة تدرك جيدا إنها في حال خسرت إدلب، فذلك سيعود عليها بالخسارة المحتمة في الملف السوري.
كل هذا يقود بأن روسيا في الفترة الحالية لن تغامر في تخريب اتفاقياتها مع تركيا، لأن نسف تلك الاتفاقيات لن يعود على تركيا وحدها بل ستكون المتضرر الأكبر، ولا سيما أن إدلب هي الملاذ الأخير لكل من يرفض حكم الأسد وأي هجوم عسكري عليها سيعيد روح الثورة في نفوس السوريين وبداية معارك التحرير من جديد.
حمزة العبد الله