بقية ضمير..!
في ركن صغير في أحد الشوارع المهجورة المتجمدة الخاوية كنت مسرعةً كي أصل إلى منزلي بحثاً عن القليل من الدفء بعد برد قارس وطويل وصدفة لمحت طفلاً صغيراً يلتحف السماء ويفترش الأرض، يغطي جسده قميص مهترئ وسروال قديم وبقية حذاء توقفت قليلاً لنداء ضميري ، فثمة صراع داخلي اجتاحني ولكنني تابعت المسير والدموع تحتبس في عيني وفي داخلي صوت ينادي ذلك الطفل الصغير يخبره بحقيقة واقعه المرير: لا تذرف الدموع يا صغيري ،لا تصرخ ، لا تشتكي ، لا تتذمر ، فهذا ما يحتاجه منك أصحاب الكاميرات المزيفة لا تناديني فأنا لست سوى سراب ووهم وكذلك هم الآخرون فصورتك ثروتهم ، وبردك دفؤهم ، وتشردك استقرارهم، وجوعك بطونهم الممتلئة ، ولكن لا بأس أنت أن تتجمد لا تستغرب من هذا الكلام هو ليس كلامي أنا بل هو قوانين العالم المتحضر، عالم كذاب مخادع، فلن تحصل على الدفء الذي تبغي طالما ع اكتافهم كاميراتهم تهرع مسرعة لالتقاط الصور لاستعطاف أصحاب القلوب السوداء بدمعتك بجوعك بتشردك الطويل في الخيمة الممزقة طفلي الصغير تأكد أن صقيع الشتاء أحن عليك من هؤلاء البشر، فالبرد لا يخدع ولا يكذب كلنا نعرف قسوته منذ زمن بعيد ، أما هؤلاء المستعطفون هم كاذبون مخادعون إنهم يعدون ولا يوفون لا بأس عليك صغيري ، هيا تعال معي لنتابع المسرحية ونغني للحرية وعن ذكريات الربيع التي لن تعود.
إعداد: وفاء المحمد