اللغز الكامن تحت أقدامنا.. هل كل ما نعلمه عن الجاذبية أوهام؟
عندما تطرح مسألة الجاذبية، فإن الشخص العادي يعتقد أن قوة الجذب هي التي تجعل الأجسام تسقط على الأرض بشكل مستقيم، في حين أن علماء الفيزياء يؤكدون أنه لا أحد إلى الآن يعلم حقيقة الجاذبية.
مفهوم ما زال مجهولا
في مقاله الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، يقول الكاتب ريتشارد بانيك (وهو كاتب في مجال العلوم ومؤلف كتاب “المشكلة مع الجاذبية.. فكّ اللغز الكامن تحت أقدامنا”- إن مفهوم الجاذبية ما زال مجهولا إلى اليوم.
وأفاد الكاتب بأن كل ما خلص إليه العلم من نظريات حول الجاذبية ليست حقائق، بل هي مجرد أوهام، وأن سوء الفهم هذا يجعل الكون أكثر قابلية للاكتشاف كما أنه يجعله أقل غموضًا.
في الواقع، إن “الجاذبية هي قوة الجذب التي تجعل الأجسام تسقط إلى الأسفل بشكل مستقيم”، وهي إحدى القوى الأساسية الأربع، لكنها لا تملك خصائص “القوة” مقارنة بالقوى الأخرى؛ حيث إن القوة النووية (التي تحافظ على النواة الذرية سليمة) أقوى بنحو مئة مرة من القوة الكهرومغناطيسية (التي تخلق الطيف الضوئي)، والتي بدورها أقوى عشرة آلاف مرة من القوة النووية الضعيفة (التي تسهل التفاعلات دون الذرية المسؤولة عن اضمحلال النشاط الإشعاعي).
وأوضح الكاتب أنه يمكن القيام بتجربة في المنزل للتأكد من هذه الفرضية، وذلك بوضع مشبك ورق على سطح الطاولة.
وستلاحظ أنه لم يتحرك من مكانه وظل راسخا في موقعه إثر تفاعله مع جاذبية الكوكب بأسره. بعد ذلك، خذ مغناطيس الثلاجة وضع عصا فوق مشبك الورق، وستتغلب بهذه الحركة على “قوة” جاذبية الأرض بأكملها.
أما بالنسبة للفيزيائيين، فتعد الجاذبية القوة الوحيدة التي لا تملك “حلا كميّا” (quantum solution)، (وهي النظرية التي تشرح القوة من حيث الجسيمات دون الذرية). وفي هذه الحالة، يجب أن نستبعد مفهوم “القوة” من الفرضية.
الأمر نسبي
وجادل الكاتب حول الافتراض القائل إن الجاذبية هي قوة “الجذب” التي تجعل الأجسام تسقط إلى الأسفل بشكل مستقيم”، حيث لا يمارس جسمان يملكان كتلة محددة بعضا من التجاذبات الغامضة على بعضهما البعض، لذلك حاول نيوتن تجنب استخدام كلمة “جاذبية”، إذ كان يسعى إلى استخدام الرياضيات لوصف الحركات الموجودة على الأرض وبين الكواكب.
وشكك الكاتب في مفهوم سقوط الأشياء “بشكل مباشر”، وذلك اعتمادًا على ما تعنيه هذه الكلمة، حيث يبدو مسار سقوطها مستقيما نظرا لوقوف الشخص على الأرض بشكل مستقيم.
ووفقا لغاليليو، في حال سقطت صخرة من سارية سفينة تبحر في نهر، فسيظهر مسارها كزاوية بالنسبة لشخص يراقب العملية من الشاطئ.
وبالنسبة لشخص يراقب خارج الأرض سقوط صخرة على كوكب الأرض، فسوف يبدو له أن مسار سقوطها في شكل زاوية. ونظرا لدوران الأرض حول الشمس، ستؤدي هذه الزاوية إلى ظهور منحنى. وباعتبار أن الشمس تدور حول مركز المجرة، فإن هذا المنحنى سيكون طويلا للغاية.
وبالمجمل تتحرك المجرة نحو مجرات أخرى، ويمتد الكون ويتسع نطاق التمدد. لذلك، يعتمد طول فترة ظهور مسار الصخور وشكله بشكل كلي على المكان الموجود فيه.
لحين الوصول إلى حل كمّي
أما بالنسبة للفرضية التي تفيد بأن “الجاذبية هي التي تجعل الأجسام تسقط”، فإنه يمكن الاستناد إلى نظرية النسبية الغاليلية لمناقشته، حيث تطرح فرضية سقوط الأرض نحو الصخرة عوضا عن سقوط الصخرة نحو الأرض.
وفي نهاية المطاف، يشير تعريف الجاذبية إلى أنه يمكن قياس آثارها والتنبؤ بها حسابيًّا. وقد نتوقع ما يحدث عندما يصطدم ثقبان أسودان على سبيل المثال. ورغم أننا لا نعلم كيفية حدوث هذه العملية، فإننا نعلم آثارها، ويمكننا أن ننسب أسبابها إلى “الجاذبية”، لكننا بالتأكيد لا نعلم السبب الكامن وراءها.
وخلص الكاتب إلى أن العلماء مضطرون للبحث عن حل كمّي للجاذبية لإدراكهم عدم قدرتهم على فهم كنه الجاذبية الحقيقي، وذلك لكي نستطيع فهم الكون بشكل المستوى الأساسي.
وإلى حين ذلك الوقت (الوصول إلى حل كمّي للجاذبية)، ينبغي أن نستبعد فرضية أن الجاذبية هي قوة الجذب التي تجعل الأجسام تسقط بشكل مستقيم.
المصدر : مواقع إلكترونية