الشبكة السورية لحقوق الإنسان: نظام الأسد هو المسؤول عن قصف مخيم قاح للنازحين
قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقريرها الصادر اليوم الجمعة، الذي تناول هجوم مخيم قاح شمال إدلب، إنَّ نظام الأسد هو المسؤول غالباً عن قصف مخيم للنازحين واستشهد نتيجة القصف 11 طفلاً سوريين.
وذكر التقرير الذي جاء في 16 صفحة أنَّ اتفاق خفض التصعيد في أيار/ 2017 واتفاق سوتشي في أيلول/ 2018، اللذين شهدتهما منطقة إدلب، وما تلاهما من اتفاقات جميعها افتقرت إلى آليات تنفيذ حقيقية تردع نظام الأسد وحلفاءه الروس والميليشيات الإيرانية عن الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين، وعجزت عن وقف آلة القتل اليومية التي تحصد أرواح السوريين، حيث بقيت طائرات العدوان الروسي ونظام الأسد تُحلِّق وتقصف متى تشاء.
وأشار التقرير إلى أنَّ الآلاف ممن تقطَّعت بهم السبل بعد العملية العسكرية الأخيرة التي شنها الحلف السوري الروسي منذ 26 نيسان المنصرم 2019، اضطروا إلى اللجوء إلى منطقة مخيمات أطمة الواقعة في ريف إدلب الشمالي وهي عبارة عن تجمع كبير للمخيمات بدأ تأسيسه نهاية عام 2012 وتوسَّع تدريجياً.
وبحسب التقرير فإنَّ هذه المخيمات تضمُّ ما يقارب نصف مليون شخص نصفهم من الأطفال والنساء يقطنون في ظروف معيشية سيئة ولا يحصلون على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية كالمياه والحمامات وخدمات الرعاية الطبيَّة، ويعانون شحَّ المساعدات وعدم انتظام وصولها إلى المخيمات، وبالتوازي مع الوضع الإنساني الكارثي يعيش المدنيون في تلك المخيمات تحت تهديد مستمر بالقتل بفعل هجمات نظام الأسد وحليفه الروسي التي لاحقتهم إلى مكان نزوحهم.
بحسب التقرير فقد وقع الهجوم يوم الأربعاء 20/ تشرين الثاني/ 2019 بين الساعة 19:45 و20:00 عندما أطلقت منصة صواريخ تابعة لقوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية يعتقد أنها متمركزة في منطقة جبل عزان بريف حلب الجنوبي صاروخاً من نمطTochka 9M79 محملاً بذخائر عنقودية من نمط 9N24، سقط على مخيم قاح للنازحين؛ تسبَّب القصف في استشهاد 16 مدنياً، بينهم 11 طفلاً و3 سيدات (أنثى بالغة)، وإصابة ما لا يقل عن 50 آخرين وأضرار في مشفى الأمومة، إضافة إلى أضرار في قرابة 10 خيام.
ووفقاً للتقرير فقد تسبَّب الهجوم في تشريد قرابة 80 % من سكان المخيم الذين نزحوا خوفاً من تعرُّض المخيم لمزيد من الهجمات وحتى تاريخ صدوره لم يتم تسجيل سوى عودة نسبة بسيطة منهم إلى المخيم.
ويقول فضل عبد الغني
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: تثبت هذه الواقعة
مجدداً لدول العالم كافة أنَّ نظام الأسد يُشكل تهديداً صارخاً للنازحين، وهو
المتسبب الرئيس وراء استمرار تدفق اللاجئين وتخوفهم من العودة والاستقرار حتى في
المناطق التي لا يسيطر عليها، عبر عمليات قصف مستمرة لم يسلم منها حتى الأطفال في
المخيمات، وعلى الرغم من كل هذا التوحش والبربرية نسمع أصوات ومراكز أبحاث تبرر
إعادة التعامل مع نظام الأسد بدلاً من المطالبة بمحاسبته تمهيداً لانتقال سياسي
وعودة طوعية ومستدامة.
واستعرض التقرير نوع الذخائر المستخدمة في الهجوم استناداً إلى مراجعة وتحليل صور مخلفات الأسلحة التي عُثر عليها في الموقع، والمعلومات من الشهود، وآثار الدمار، وأشار التقرير إلى استخدام صواريخ بالستية تكتيكية من سلسلة (Tochka – 9M79)، روسية الصنع تطلق من عربة من طراز (9P129).
وحدَّد التقرير أربعة أماكن محتملة للمنصات التي يعتقد أنها أطلقت هذه الصواريخ، وأشار إلى أنَّ المصدر الأكثر ترجيحاً لإطلاق هذه الصواريخ هو منصات إطلاق موجودة في منطقة جبل عزان بريف حلب الجنوبي بحسب الروايات وشهود العيان.
وبحسب التقرير فمن الممكن أن تزوَّد هذه الصواريخ برؤوس حربية مختلفة عنقودية أو كيميائية أو نووية، وفي هجوم مخيم قاح تم التحقق من خلال روايات الشهود وتحليل الصور والمقاطع المصورة أنَّ الصاروخ كان مزوداً برأس حربي من نمط 9N123K محمل بذخائر عنقودية من نمط 9N24 يبلغ عددها نحو 50 ذخيرة.
وذكر التقرير وقوع ما لا يقل عن 12 هجوماً نفَّذتها قوات نظام الأسد استخدمت فيها صواريخ من سلسلةTochka ، ثلاثة منها على الأقل كانت محملة بذخائر عنقودية، ولفت إلى أنَّ طائرات الاستطلاع التابعة لنظام الأسد ظلَّت تحلق فوق سماء المخيم طوال أيام عدة قبل الهجوم، وهذا يُشير إلى أن النظام الأسد على علم تام بماهية الهدف وقاطنيه، إضافة إلى ذلك فقد اختار في ارتكاب هذا القصف استخدام الذخائر العنقودية؛ أي أن الهجوم يُشكل جريمة مركبة.
وسجل التقرير ما لا يقل عن 79 حادثة اعتداء نفَّذتها قوات نظام الأسد وحليفه الروسي على مخيمات للنازحين منذ آذار/ 2011 حتى هجوم مخيم قاح، 61 هجوماً منها نفذتها قوات نظام الأسد، و18 هجوماً نفذتها قوات العدوان الروسي ومن ضمن هذه الهجمات وثق التقرير 11 هجوماً في غضون الحملة العسكرية الأخيرة التي شنَّتها قوات نظام الأسد وحليفه الروسي منذ 26/ نيسان/ 2019.
وبحسب التقرير فقد وقع ما لا يقل عن 487 هجوماً بذخائر عنقودية منذ أول استخدام موثَّق لها في تموز/ 2012 حتى 20/ تشرين الثاني/ 2019، منها 243 على يد قوات نظام الأسد و236 على يد قوات العدوان الروسي، و8 هجمات مشتركة لنظام الأسد وحليفه الروسي.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في عرقلة العملية السياسية وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي والطلب من نظام الأسد وحليفه الروسي وفصائل المعارضة السورية التوقف عن كافة الانتهاكات وتأمين إجراءات حسن النية عن طريق إيقاف القصف وكشف مصير المختفين قسرياً على أقل تقدير.
وأوصى التقرير مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، الذي نصَّ بشكل واضح على “توقف فوراً أية هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حدِّ ذاتها، وأكَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم العدوان الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.