الصيام.. ماذا يحدث للكبد خلاله؟ وما فوائده للمعدة؟ وهل شرب الماء البارد مضر؟
مع حلول شهر رمضان، يكثر الحديث عن فوائد الصيام الصحية وكيف يؤثر على التحولات الكيميائية في الجسم، ونقدم هنا مجموعة من الإجابات على الأسئلة عن الصيام في الشهر الفضيل:
ماذا يحصل للكبد خلال الصيام؟
عند الصوم تقل معالجة الكبد للكثير من المواد الغذائية الموجودة في الطعام، مما يتيح إمكانية تعافي الكبد، وخاصة الكبد الدهني، وهو أكبر أعضاء الجسم المسؤولة عن التخلص من السموم.
وقال علماء ألمان من المركز الألماني لأبحاث السرطان ومركز هيلمهولتس للأبحاث الطبية في ميونيخ، إن الصيام له تأثير إيجابي على جسم الإنسان وخاصة على مرض الكبد الدهني المنتشر في العالم. من جهة أخرى يساعد الصيام على تجاوز مشاكل السمنة لدى العديد من الناس، حسب موقع صحيفة “أوغسبورغر ألغماينه” الألماني.
وأشارت الدراسة التي نشرتها المجلة العلمية المتخصصة “موليكولار ميدسين” إلى أن العلماء توصلوا إلى معرفة ما يحدث في جسم الإنسان عند الصيام، إذ ينتج الجسم بروتينا يؤثر على التحولات الكيميائية في الكبد، وهو ما يقلل من تكدس الدهون فيه.
ويعلق الدكتور آدم روز من المركز الألماني لأبحاث السرطان على هذه الدراسة بالقول “بإمكاننا معالجة مشاكل السمنة والكبد الدهني، عندما نفهم كيف يؤثر الصيام على التحولات الكيميائية داخل الجسم”. ويجمع معدو الدراسة على أن الصيام له فوائد صحية على مشاكل الكبد الدهني المعروف أيضا بتشحم الكبد.
ما تأثير الصيام على البنكرياس؟
يريح الصوم البنكرياس، إذ يقل معدل إنتاجه للأنسولين. كما تصبح خلايا الجسم أكثر حساسية للأنسولين، وهو ما ينعكس إيجابا على صحة مرضى السكري من النوع الثاني.
كيف يؤثر الصيام على الكولسترول وضغط الدم والألم المزمن؟
يعمل الامتناع عن الطعام على تخفيض الكولسترول وضغط الدم. وبعد الانتهاء من فترة الصوم، فعادة ما تكون هناك زيادة طفيفة في مستواهما، لكنه لا يصل إلى القيم الأولية.
كما يخفف الصوم من العديد من اضطرابات الألم المزمنة، على سبيل المثال الروماتيزم (التهاب المفاصل المزمن).
ما فوائد الصوم للمعدة؟
خلال الصوم تنكمش المعدة المتمددة من جديد، كما يتعافى الغشاء المخاطي، تماما كما هي الحال في الأمعاء. ويغير الصوم أيضا من انتشار الفلورا المعوية أو ما يسمى “نبيت جرثومي معوي” بشكل إيجابي.
كما يعزز الصوم الدورة الدموية وعملية التمثيل الغذائي للأنسجة الدهنية، إذ تفتح الخلايا الدهنية، خاصة تلك الموجودة تحت الجلد والمعدة، أقفالها وتبدأ بالذوبان. إذ تتحول جزيئات الدهون إلى كيتونات عالية الطاقة أثناء الصوم.
ماذا عن الصوم والأعصاب؟
يشجع الصوم على تجدد الخلايا العصبية، بالإضافة إلى ذلك فإن الامتناع عن تناول الطعام لأوقات معينة يمكن أن يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية، كما أظهرت بعض الدراسات العلمية.
أيهما أفضل شرب الماء البارد أو الفاتر؟
يزعم البعض أن شرب الماء البارد يعيق عملية الهضم، لكن الأبحاث العلمية لم تكشف وجود ضرر حقيقي للماء البارد على صحة البدن، وهو ما أكده بحث نشره موقع “ميديكال نيوز تودي” العلمي البريطاني.
وجميع الأبحاث تجمع على ضرورة شرب الماء بكثرة في أيام الصيام أو في فصل الصيف لتعويض الجسم عن فقدانه للسوائل من خلال التعرق. وهذا ثابت للمرء، حيث يلاحظ أن الإنسان يصبح قليل التبول في الصيف بسبب التعرق، وهذا يعني أن الجسم يفقد سوائله، وعلى المرء أن يكثر من الشرب حتى يستعيد مستوى تبوله الطبيعي.
وكشف موقع “ساينس أي بي سي” العلمي الهندي أن لا ضرر ثابتا في شرب الماء البارد، باستثناء كونه يعرض عملية الهضم إلى عسر بفعل تقلص عضلات المعدة.
وتتفق مراكز البحث الطبي على أن شرب الكثير من الماء، إن كان باردا أو دافئا، يساعد على طرد السموم من الجسم، ويسهل الهضم، ويمنع الإمساك.
ونشر الموقع المذكور وقائع ونتائج دراسة صغيرة أجريت عام 2013 على ستة أشخاص لتقصي آثار العطش الذي أصابهم، وأثر الماء البارد الذي شربوه. فتبين أن شربهم لماء درجة حرارته 16 مئوية، وهي درجة حرارة ماء الحنفية في الأحوال الطبيعية، قد تبعه بدقائق توقفهم عن التعرق (ولا بد من الإشارة إلى أن هذا لا ينطبق على درجة حرارة ماء الحنفية في البلدان الحارة، حيث تصل في أحيان كثيرة إلى 40 درجة مئوية).
ومن هذه التجربة البسيطة، خلص الباحثون إلى أن شرب الماء بدرجة حرارة 16 مئوية هو الأنسب لمن بذل جهدا كبيرا وتعرّق بشدة وارتفعت درجة حرارة جسده بسبب الجهد أو القيظ.
أما الاعتقاد الشائع بأن شرب الماء البارد وتناول البظة (آيس كريم) والأكل البارد في الصيف خاصة، قد يسبب نزلات برد أو إنفلونزا أو نزلات صدرية، فما زالت تعوزه الأدلة، إذ لم يتوفر دليل علمي واحد يدعم هذا الاعتقاد.
ويزعم كثيرون أن شرب الماء البارد بإفراط يساعد إلى حد كبير في تخفيف الوزن، مستندين إلى دراسات تفيد بأن شرب المزيد من الماء يساعد البدن على حرق سعرات حرارية، لكن تلك الدراسات لا تضع فرقا بين شرب الماء البارد وشرب الماء بدرجة حرارة الغرفة العادية في البلدان معتدلة الأجواء.
بين أن بعض الأبحاث تحذر الذين يعانون من مشكلات في المريء وفي الحنجرة من شرب الماء البارد، ولا سيما المصابين منهم بمرض”آخالاسيا” (Achalasia)، وهو مرض يؤدي بالمصاب إلى صعوبة بلع الطعام والسوائل.
وقد أثبتت الدراسات أن المصابين بهذا المرض قد يتعرضون لمضاعفات صحية في حال شربهم الماء البارد في الصيف خاصة، ولكن الذين عانوا من تلك الأعراض ما برحوا أن شفوا حال تناولهم ماء دافئا، وصار بإمكانهم البلع بسهولة.