الأمم المتحدة : 90 بالمئة من سكان سوريا الحاليين يعيشون تحت خط الفقر
مالك الحافظ|| قالت الأمم المتحدة أن عدد السوريين الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية زاد بواقع 1.4 مليون شخص منذ مطلع العام الجاري، لتصل نسبة من هم تحت خط الفقر إلى 90 بالمئة من إجمالي سكان سوريا الحاليين.
هذا وقد توالت تحذيرات المنظمات العاملة ضمن إطار الأمم المتحدة خلال الفترة الماضية، حيث لا تعتبر التصريحات الأخيرة حول تزايد أعداد المفتقرين للمواد الغذائية الأساسية بالتحذيرات الجديدة؛ حتى باتت متوقعة بين كل حين وآخر، وذلك في ظل تدهور اقتصادي حاصل في سوريا بسبب التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا والتي ترافق معها مؤخراً تبعات تمرير عقوبات قانون قيصر الأميركي.
المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، اليزابيث بايرز، قالت يوم السبت، أنّ سوريا باتت تواجه أزمة غذائية غير مسبوقة، وأنّ 9.3 ملايين مدني يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وأشارت بايرز إلى أن تدهور الوضع الغذائي في سوريا، تعود أبرز أسبابه إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، والتدابير التي اتخذت لمكافحة فيروس كورونا المستجد
وأوضحت بأنّ أسعار الأغذية ارتفعت في العام الأخير لأكثر من 200 بالمئة، وإلى 20 ضعف ما كانت عليه قبل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 9 سنوات، موضحة أنّ سعر السلة الغذائية الأساسية كان نحو 4 آلاف ليرة قبل الأزمة، أما الآن فقدرت سعرها بـ 76 ألف ليرة.
وأعلنت المتحدثة، حاجتهم لـ 200 مليون دولار أميركي من أجل مواصلة المساعدات الغذائية حتى نهاية العام الجاري، محذرة من أن قسم كبير من المساعدات الغذائية التي يقدمونها لسوريا ستتوقف في حال عدم تأمين الدعم.
من جهتها، قالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجيمال ماجيتيموفا، أنه “بعد 9 سنوات من الصراع المسلح، يعيش أكثر من 90 بالمئة من سكان سوريا تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين في اليوم بينما تتزايد الاحتياجات الإنسانية”.
المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي، كان حذّر من خطر انزلاق سوريا إلى حافة المجاعة، وقال في تصريحات لصحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، منتصف الشهر الجاري، إن استمرار الأوضاع في سوريا بالتدهور قد يجعل خطر المجاعة يطرق الأبواب، مؤكداً بأن “إرسال مبالغ نقدية للسوريين لا يُمكّنهم من شراء شيء، لذا يجب إرسال المساعدات كمواد غذائية”.
الباحث الاقتصادي، خالد تركاوي، قال لـ روزنة خلال حديث سابق، أن استمرار الأمور على نفس النهج القائم؛ سيؤدي إلى مجاعة متوقعة قبل نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أنه و في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، من تعطل إنتاج و بطالة وارتفاع حاد في الأسعار فإن نسبة فقراء سوريا مع الأشهر المقبلة ستزيد عن تسعين بالمائة.
تركاوي أضاف في حديثه بأنه و مع بدء تفشي كورونا والتعامل غير المسؤول الذي قامت به مؤسسات النظام؛ فإن الأيام المقبلة تنذر بكارثة حقيقية في المجال الصحي وحياة السكان، وفق تعبيره.
قد يهمك: بينها الاندماج المجتمعي…حلول لتجاوز انهيار الاقتصاد السوري
وتابع بأن قوات النظام الأسد سخّر موارد مؤسسات الدولة التي يفترض أن تخدم الناس في مثل هذه الظروف؛ لمحاربة الشعب طيلة سنوات طويلة حتى باتت مشلولة تماماً أمام مثل هذه الأحداث”.
وفي إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، منتصف الشهر الجاري، أرجع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا وما تبعها من أزمة جوع، إلى “حوكمة الاقتصاد السوري” التي قال إنّها “اتسمت بسوء الإدارة المالية والنقدية والفساد”، كما تطرّق إلى العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على حكومة دمشق، وأثرها على الاقتصاد هناك.
فيما كان قد توقع السفير الأميركي السابق إلى سوريا، روبرت فورد، في مقال نشرتها صحيفة الشرق الأوسط يوم الأربعاء الفائت، بألا تثمر عقوبات قيصر حلا قريبا من أجل سوريا، وإنما ستجلب مزيدًا من المعاناة واليأس إلى المواطنين السوريين”.
المختص في الاقتصاد السياسي، أحمد القاروط، قال خلال حديثه لـ روزنة، أن تأثير عقوبات قيصرستكون في المقام الرئيسي على الشعب السوري؛ و ليس على النظام الذي يستطيع المحافظة على حياة رجالاته الاقتصادية، فضلا عن الحفاظ على باقي الإدارات التي يسيطر عليها سواء في القطاع الأمني أو التعليمي و الصحي. وتابع الشعب السوري سوف يدفع ثمن باهظ جراء فوز قوات النظام الأسد في الحرب”.
وأردف في السياق ذاته أن “لجوء واشنطن لفرض العقوبات الاقتصادية يأتي من منطلق المصلحة الأميركية الساعية في زيادة صعوبة حياة بشار الأسد و أن تنهي أي تعامل دولي معه… لو ما تم فرض هذه العقوبات فإن قدرة قوات نظام الأسد على التعامل الاقتصادي مع الخارج ستكون أسهل؛ وهذا بمعنى أن ذلك سيكون شرعنة لانتصاره، لذلك فإن العقوبات الأميركية هي موقف أكثر ما أنها ستجبر النظام الأسد على تنازلات سياسية حقيقية”.
ولعلّ الارتفاع القياسي في أسعار المواد الغذائية المترافق مع تدني قيمة العملة السورية دفعا بعائلات في سوريا إلى ما يتجاوز طاقتها، حيث أصبحت الأزمة الاقتصادية الحادة، وما يترتب عليها من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وانخفاض سعر صرف الليرة السورية غير الرسمي؛ من العوامل التي تزيد من صعوبة حصول الأسر على الأغذية التي تحتاج إليها.
قد يهمك: المصرف المركزي السوري يلتف على “قيصر” برفع أسعار المواد الغذائية
ومع ارتفاع الأسعار، اضطرت الأسر إلى تبني تدابير قد تترتب عليها عواقب ضارة للتكيف مع الأوضاع، وقد كشفت دراسة استقصائية أجراها مؤخراً “برنامج الأغذية العالمي” أن بعض الأسر تقلل من عدد وجباتها اليومية من ثلاث وجبات إلى وجبتين، كما تُبيّن ارتفاع عدد الأشخاص الذين يشترون المواد الغذائية بالاستدانة، كما تلجأ بعض الأسر إلى بيع الأصول لإدرار دخل إضافي.
وكان تقرير صادر عن منظمة الـفاومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، في شهر أيلول الماضي، أشار إلى أن هناك “حوالي 6.5 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى 2.5 مليون شخص معرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي في حال عدم وجود دعم مناسب لسبل العيش”، رغم أن “زيادة إنتاج محصول القمح في 2019 قد حسّنت من توافر الحبوب في البلاد”.
في حين كان “المكتب المركزي للإحصاء بدمشق جهة حكومية، أعلن نهاية عام 2018 عن نتائج مسح الأمن الغذائي عن العام 2017، و بيّن فيه آنذاك أن نسبة 23.4 بالمئة من السوريين يُصنّفون في خانة الآمن غذائياً، و 45.6 بالمئة في خانة “معرض هامشياً” لانعدام الأمن الغذائي، و31 بالمئة غير آمنة غذائياً.