دراسة جديدة: حرائق الغابات تحدد معالم نباتات القرن القادم
أظهرت دراسة جديدة نشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز أن حرائق الغابات تسرع وتيرة هجرة كل من الأشجار والنباتات الأخرى بالتوازي مع تأثير التغير المناخي العالمي.
وبحسب ما أورده تقرير على موقع “ساينس ألرت” يتوقع العلماء أن يؤثر التغير المناخي في هجرة كل من الأشجار والحيوانات على حد سواء نحو مواقع أكثر برودة من أجل إيجاد موائل أكثر ملاءمة للنمو والتكاثر، وقد أثبتت دراسات وتقارير سابقة أن هجرة النباتات نحو المرتفعات تقدر بمتوسط 1.5 متر سنويا.
وفي بيان صحفي نشر على موقع جامعة ستانفورد في كاليفورنيا بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أشار الباحثون إلى ضرورة اهتمام هيئة إدارة الغابات وحمايتها بالدور الذي تلعبه حرائق الغابات في تفوق بعض الأنواع النباتية على بعضها الآخر، خاصة أن العوامل التي تتحكم في هجرة الأشجار لا تزال غير مفهومة بشكل كامل في الوقت الحالي.
وصرح عالم الأحياء النباتية أفيري هيل بأن “هناك قوى معقدة ومترابطة تؤثر على منظومة غاباتنا المستقبلية”.
أشجار بلوط كانيون الحي في حديقة بوتانو الحكومية بمقاطعة سان ماتيو في كاليفورنيا الأميركية (شترستوك)
وقام الباحثون بتحليل إجمالي نحو 74 ألف بقعة من الغابات في 9 ولايات غرب الولايات المتحدة، وركزوا على دراسة المسافات بين الأشجار المسنة والشتلات الجديدة بهدف تقدير مدى سرعة هجرة أنواع الأشجار من مكان إلى آخر.
وأوضحت الدراسة أنه من بين 8 أنواع نباتية مهاجرة أظهر كل من تنوب دوغلاس -وهو جنس من الأشجار دائمة الخضرة من الفصيلة الصنوبرية وبلوط كانيون الحي مؤشرات انتشار أكبر في المناطق المتضررة من حرائق الغابات، وذلك مقارنة بالمناطق التي لم يتم حرقها في السنوات الأخيرة.
وعلل الباحثون ذلك بأن قدرة أنواع مثل بلوط كانيون الحي على الإنبات بسرعة بعد الحريق تمنحها ميزة إضافية، وهكذا يمكن القول إنه على الرغم من تأثيرها السلبي على الغطاء النباتي يمكن أن تفيد حرائق الغابات بعض أنواع النباتات المهاجرة بمنحها ميزات انتقائية تحسن أداءها، فضلا عن دور الحرائق في القضاء على بعض أنواع النباتات المنافسة.
وكتب الباحثون في ورقتهم “تقلل حرائق الغابات الغطاء النباتي، وبالتالي فإنها تقلل بعض مظاهر التنافس بين أنواع مختلفة من النبات”.
كما أنهم وجدوا أدلة تثبت عجز بعض أنواع الأشجار عن مواكبة تغير المناخ، ومن المحتمل أن تترك بعض الأنواع عالقة في موائل غير مناسبة نظرا لعدم قدرتها على الانتقال إلى مناطق جديدة بالسرعة الكافية.
وهنا يمكن الاستفادة من أثر الحرائق في انتقاء الأنواع النباتية عن طريق التحكم بالحرائق المصطنعة وشدتها ومكانها، حيث يمكن إنشاء حرائق صناعية محدودة كأحد أساليب إدارة الغابات، وقد يكون لها دور في الاستجابة لتغير المناخ أيضا.
ويرى عالم الأحياء كريس فيلد من جامعة ستانفورد أن هذه الدراسة “تسلط الضوء على آلية طبيعية يمكن أن تساعد الغابات في الحفاظ على صحتها وفي مواجهة معدلات طفيفة من التغير المناخي، كما أنها توضح أيضا إمكانية الإدارة الفعالة لعمليات النظام البيئي وفق ضوابط مختلفة”.
ومع ذلك، يرى الباحثون أن الأدلة المثبتة في الوقت الحالي غير كافية لتفسير الأسباب الرئيسية التي تتحكم في هجرة الغطاء النباتي، إذ لا بد أن تتفاعل أنواع الأشجار المختلفة بطرق مختلفة، مما يستدعي إجراء مزيد من التجارب التي تتناول المزيد من التفاصيل.
المصدر: الجزيرة نت