هل انتهت أستانا؟؟
لا يبدو بأن مسار المفاوضات بين الدول الضامنة لمؤتمر أستانا يسير وفق الشكل المطلوب فالجولة الأخيرة التي عقدت في تاريخ الخامس والعشرون من أبريل لم يكتب لها النجاح، بل على العكس تماما أعلن المبعوث الروسي إلى المؤتمر ألكسندر لافرنتييف بأن بلاده لن توقف غاراتها الجوية على مقار من وصفهم ب “الإرهابين” في محافظة إدلب، ليكون ذلك التصريح بداية التهرب الروسي من الالتزام بمسار المفاوضات التي ترعاها مع كل من تركيا وإيران.
تلك المفاوضات التي باتت في الفترة الأخيرة تركز على ملفين أثنين لا ثالث لهما، إلا وهما موضوع إدلب وإطلاق اللجنة الدستورية التي أقر أيضا خلال الاجتماع عن عجز تلك الدول على الاتفاق على صيغة نهائية بما يتعلق بالشخصيات التي ستكون من ضمن اللجنة.
وعلى النقيض من تركيا التي أعلنت بأن جولة المفاوضات في أستانا حققت المطلوب منها وهو التجديد من قبل الدول الضامنة عن عزمها تنفيذ اتفاقية إدلب دون تأخير ومماطلة، ذلك التأكيد التركي قوبل بتصعيد في حدة التصريحات الروسية بدءا من المجرم فلاديمير بوتين إلى وزير خارجيته سيرغي لافروف وانتهاء بمبعوثه إلى مفاوضات أستانا.
بوتين الذي صرح بعد يوم واحد من انتهاء الجولة الثانية عشر من المفاوضات، “بأنه لا بد من تنفيذ عملية عسكرية للقضاء على من اسماهم بالإرهابين، إلا إنه أكد بأن وقتها لم يحن بعد”، ذلك التصريح أن دل فهو يدل على رغبة من قبل المجرم بوتين بطي ملف إدلب نهائيا وإعادتها للحظيرة الأسدية، وبذلك يكون قد حقق لنفسه نصرا كبيرا في الملف السوري وربط أي حل سياسي قد يتم التوصل إليه مستقبلا بالرؤية الروسية الرافضة لإجراء أي تغييرات في بنية النظام الحالي، لكن وللحقيقة فتصريحات بوتين مكررة وقديمة ولا جديدة فيها، فتصريحاته عن إدلب لا تخلوا من باب التهديد والوعيد، وذلك يعكس خيبة أمل له بالحصول على ضوء أخضر من تركيا لاجتياح محافظة إدلب.
إلا إنه يفهم من التصريحات السياسية للسياسيين الروس قبل أي مؤتمر وبعده يتعلق بمصير منطقة الشمال الغربي من سوريا عن عدم رضاهم وامتعاضهم من الموقف التركي الثابت الرافض لأي عملية عسكرية، كونها ستكون المتضرر الأكبر من أي اجتياح للمنطقة لا سيما بأن ثلاثة ملايين ونصف سيلجؤون إلى الحدود التركية هربا من القصف والقتل والدمار، فآلة الأسد العسكرية وطائرات الاحتلال الروسي لا تجيد التفريق بين المدني و”الإرهابي”.
دولة الاحتلال الروسي التي لها سجل طويل في المجازر والإرهاب بحق الشعب السوري، فمنذ تدخلها ارتكبت عشرات الفظائع بحق المدنيين في المدن والبلدات السورية، كل هذه الفظائع تجعل منها دولة لا تحترم القوانين الدولية بل يظهرها بمظهر دولة احتلال وإجرام.
روسيا التي دأبت خلال الفترة الماضية على تجاهل خروقات النظام السوري للاتفاقيات الخاصة بمحافظة إدلب كونها واحدة من ضامنيه تريد تخريب الاتفاق مع تركيا بما يتعلق بإدلب من خلال اتهام من تسميهم ب “الإرهابين” بالتحضير تارة لاستفزازات كيماوية وتارة أخرى بقصف مناطق سكنية داخل الحدود الإدارية لسيطرة النظام، ومن خلال ذلك كله تريد روسيا بأن تبسط سيطرتها على المنطقة التي تعد أخر قلاع الثورة السورية بعد حملات التهجير القسري التي رعتها دولة الإجرام والإرهاب، لكن كل تلك الأحلام لليوم لاتزال تصطدم مع موقف تركيا الثابت باجتياح إدلب تحت أي ذريعة.
فهل ستغامر روسيا بتخريب علاقاتها مع تركيا وتبدأ بمساندة النظام السوري والميليشيات الإيرانية لاجتياح محافظة إدلب أم إنها ستحكم لغة العقل وتترك حل محافظة إدلب للجانب التركي؟؟؟
حمزة العبدالله