بضع ساعات من وداعها كانت كفيلة لتحطم آمالي
أنا أم عدنان، امرأة بالأربعين من عمري، أكملت حياتي الدراسية وحصلت على شهادة تمريض، كنت أقيم مع عائلتي بإدلب حيث مكان عمل والدي، تقدم ابن عمي للزواج مني وكنت فرحة بذلك، فقد كنت أحبه وبعد زواجنا عدنا إلى البلدة.
بدأت العمل بالمستوصف المتواجد بالبلدة، وكان زوجي مدرس، وكانت حياتي جميلة وهادئة ووضعنا المادي جيد، وبعد زواجي بمدة خمس سنوات لم أرزق بطفل، كنت متشوقة كثيراً لرؤية طفل يملئ حياتنا بالسعادة.
بدأت المعالجة من أجل إنجاب طفل، ولكن الطبيبة قد أخبرتني أنني لا أستطيع أنجاب أطفال كان هذا الخبر مؤلم ومن الصعب على تحمله، بقيت فترة من الزمن محبطة، بعدها قررت أنا وزوجي أن أخضع لعميلة زرع اصطناعية من أجل أنجاب طفل، بقيت مدة تسعة أشهر مستلقية بالفراش حتى وضعت مولودي كانت طفلة جميلة أدخلت الفرحة لقلوبنا فقد كانت أجمل ما نملك بالحياة.
بدأنا ببناء منزل وغرفة صغيرة لطفلتي وضعت بها كل ما تحتاجه من ألعاب وغيرها، ومع اندلاع الثورة السورية بدأت مأساتي الحقيقة التي اخذت مني أغلى ما أملك، أصبح حينها عمر طفلتي ست سنوات، كان والدها يحملها بين يديه بكل مظاهرة تخرج بالبلدة وتهتف بالحرية، كنا سعداء بها كثيراً، كانت تلقي شعراً وجميع المتظاهرين ينصتون لها، حتى جاء ذلك اليوم الذي غير كل شيء، وذهب بضحكاتها وتفاؤلها.
استيقظت في الصباح الباكر جهزت الفطور، قمت بتلبيسها ثيابها وكنت أحس أنني سوف أراها لأخر مرة، ذهبت إلى مدرستها وحوالي الساعة التاسعة بدأت الطائرة بالتحليق في السماء كان صوتها مرعب جداً، وعلى الفور بدأت بإلقاء الصواريخ على المدرسة المتواجدة فيها.
بعد ذلك بدأت أشعر بأن السماء قد أطبقت على صدري، لأن طفلتي نسيم وكثيرا من الأطفال كانوا متواجدين هناك، ثم قررت الذهاب إلى المدرسة للبحث عن طفلتي، وعند وصولي إلى ذلك المكان كانت المشاهد والحالة التي رأيت بها الأطفال مؤلمة جداً، فمنهم من استشهد ومنهم من جرح ولكن نسيم كانت من بين الشهداء .. نسيم هي تلك الطفلة البريئة الجميلة المفعمة بالحيوية والنشاط ذهبت ولم أعد أراها مجدداً.
كان ذلك أشبه على بالموت ونعم تمنيت حينها أن أموت أنا ولا أسمع ذلك الخبر، فقد تحطمت كل آمالي.