روسيا والتلاعب بجميع الأطراف
في الخلاف الدائر حول شراء تركيا لنظام صواريخ روسي الصنع أعطيت أنقرة مهلة للاختيار بين الولايات المتحدة وروسيا ولكن هذا الإنذار لم يأت من موسكو.
يبدو أن روسيا تفضل استراتيجية جديدة للسماح لحلفائها بالحفاظ على ولاءات متعددة، وعدم ولائها لطرف معين.
لقد حذر نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس تركيا هذا الشهر من أنه يتعين عليها الاختيار بين العلاقات مع الولايات المتحدة أو روسيا.
وضعت تركيا اللمسات الأخيرة على شراء طائرة S-400 التي تعتقد الولايات المتحدة أنها ستشكل تهديدًا لطائراتها الحربية المتقدمة من طراز F-35 وهددت الولايات المتحدة بطرد تركيا من البرنامج إذا استمرت عملية شراء S-400.
بدلاً من ذلك كانت موسكو أكثر تركيزًا على كونها وسيط قوة وفي الأسبوع الماضي، توسطت في سوريا مع تركيا وإيران في كازاخستان وكذلك توسطت في صفقة أفرجت عن سجينين سوريين من حجز إسرائيل في مقابل رفات جندي إسرائيلي قتل خلال غزو لبنان عام 1982.
تريد روسيا أن تعتبر الوسيط الذي يمكنه التفاوض على صفقات حتى بين الأعداء دون انحياز.
حتى تحالفها مع سوريا لا يعطي دمشق الولاء لها ففي الفترة التي سبقت مؤتمر أستانا الأخير كان بشار الأسد يضغط من أجل تحرك أكبر في محافظة إدلب لكن في نهاية هذا الأسبوع استبعد فلاديمير بوتين في رحلة إلى الصين ذلك قائلاً إن موسكو “وأصدقائنا السوريين” يعتقدون أن التوقيت كان خطأ.
الأمر نفسه ينطبق على إيران إذ يعمل فيلق الحرس الثوري الإسلامي والميليشيات الموالية لإيران في سوريا عن كثب مع روسيا لكن روسيا أغلقت أيضًا أنظمة الدفاع الجوي حول سوريا للسماح للطائرات الإسرائيلية باستهداف الأصول الإيرانية هناك.
عندما ذهب العاهل السعودي الملك سلمان إلى موسكو في عام 2017 كانت هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها ملك سعودي بزيارة روسيا.
وقبل ذلك ببضعة أشهر قام حسن روحاني بإيران بزيارة رسمية إلى روسيا ومنذ ذلك الحين سعت روسيا إلى عقد صفقات دفاع مع كلا الخصمين الإقليميين.
إن روسيا حريصة على التعامل مع إسرائيل التي تتحرك على قدم وساق مع واشنطن كما هو الحال مع سوريا والتي لم تربطها علاقات جيدة مع الولايات المتحدة منذ عقود.
إن استراتيجية “الصديق غير المخلص” مثيرة للاهتمام وتتناقض مع الرغبة التاريخية للولايات المتحدة في أن تُرى كشريك مستقر.
إن جزءاً من سبب التصرف بهذه الطريقة هو عدم وجود خيار فمعظم الدول التي تتعامل معها روسيا مؤيدة للولايات المتحدة وتعتزم البقاء على هذا النحو.
وفي حالة الدول الأكبر مثل تركيا ومصر لا يمكن لموسكو ببساطة أن تقدم ما يكفي لإخراجها من مدار واشنطن
بالنسبة لبعض البلدان يمكن أن يكون قبول مبادرات موسكو طريقة للإشارة إلى الاستقلال.
خذ مثالاً شراء تركيا من S-400 إذ كان الاعتقاد الأصلي هو أن تركيا وهي عضو في الناتو منذ تأسيس المنظمة تقريبًا كانت تتعامل مع موسكو فقط من أجل جعل الولايات المتحدة تقدم نظامها الدفاعي الصاروخي باتريوت.
ويسمح قانون مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات للولايات المتحدة بمعاقبة الدول التي تتاجر مع القطاع العسكري الروسي لكن حتى الآن لم يتم استخدامه ضد أي حلفاء.
المصدر: موقع ذا ناشنال
ترجمة (محمد الموسى)