مواد التدفئة البدائية خطر قاتل يهدد حياة المدنيين شمال غربي سوريا
تزايدت أعداد الحرائق في مخيمات شمال غربي سوريا منذ بدء فصل الشتاء، لتسجل المنطقة أربعة حرائق حتى الـ 27 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وفقاً لإحصائية صادرة عن فريق منسقو استجابة سوريا نشرت على صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك” في التاريخ ذاته.
وتعزى أسباب حرائق المخيمات إلى استخدام مواد تدفئة بدائية غير صالحة للاستخدام في تشغيل مواقد التدفئة والطهي بسبب عدم مقدرة غالبية قاطني المخيمات على شراء مواد تدفئة صالحة للاستخدام نظراً للوضع المعيشي الصعب وارتفاع أسعار تلك المواد بشكل يفوق استطاعت العائلات المادية، حيث أن 90% من العائلات ضمن المخيمات تعتمد على مواد كـ (النفايات-المواد البلاستيكية-الأقمشة القديمة) في تشغيل المدافئ داخل خيامهم وسط انعدام أماكن آمنة نسبياً للحد من تلك الحرائق بسبب طبيعة الخيام المبنية من القماش والبلاستيك التي تشتعل بسرعة، بحسب الفريق.
حرائق متزايدة مع بداية فصل الشتاء
اندلعت 4 حرائق ضمن مخيمات المهجرين قسرياً في كل من بلدات “مشهد روحين” و”حربنوش” و”كفرلوسين” شمالي إدلب، خلال الأيام الأخيرة، ما سبب أضراراً بشرية ومادية، حيث تسبب الحريق الذي اندلع بمخيم “كوكنايا” في الـ 27 من الشهر الماضي، بإصابة 4 مدنيين جلهم من الأطفال بعد انفجار المدفئة المستخدمة داخل الخيمة، وفقاً لما أوضحته مديرة المخيم، جمانة، لفرش.
وقالت “جمانة”، إن الأوضاع المادية الصعبة لغالبية قاطني المخيم دفعتهم إلى استخدام مواد بدائية لإشعال مدافئهم، حيث يضطرون إلى استخدام الحطب الأخضر والمواد البلاستيكية والأقمشة من أجل تدفئة خيامهم.
وفي تفاصيل ما حدث، أوضحت، أن الحريق نجم عن إضافة مازوت رديء الجودة سريع الاشتعال أثناء تشغيل المدفئة ما أدى إلى انفجارها وإصابة الأب وأولاده الثلاثة واحتراق الخيمة بشكل كلي.
وتسبب الحريق بمضاعفة الوضع المادي الصعب للعائلة المتضررة، نظراً لاحتراق كل ما يوجد داخل الخيمة، بحسب ما حصلنا عليه من معلومات من إبراهيم العبد الله (صاحب الخيمة المتضررة).
وقال “العبد الله” لفرش، إنه أصيب بحروق مع أولاده الثالثة بعد انفجار المدفئة، واحترقت خيمته بشكل كلي دون التمكن من إخراج أي شيء من داخلها.
وتتزايد مخاوف قاطني مخيمات شمال غربي سوريا من ارتفاع معدلات الحرائق في مساكنهم المصنوعة من القماش والبلاستيك، لا سيما وأن المواد المستخدمة للتدفئة هذا الشتاء معظمها غير صالح للاستخدام لكن يضطرون إلى استخدامها بسبب عدم قدرتهم على شراء مواد التدفئة الصالحة كـ (الحطب المجفف-البيرين-المازوت-القشور بمختلف أنواعها) التي تضاعفت أسعارها عما كانت عليه قبل شهر من الآن.
استجابة سوريا: المخيمات القماشية والبلاستيكية أكثر عرضة للحرائق
أكد فريق “منسقو استجابة سوريا” في بيان له قبل أيام، أن خطر اندلاع الحرائق ضمن المخيمات المصنوعة من القماش والبلاستيك يعتبر مرتفعاً مقارنةً بالكتل الإسمنتية، لا سيما وأنها قابلية اشتعالها أسرع بسبب الافتقار إلى العوازل التي تعمل على تقليل نسبة الحرارة ضمن الخيام ما يجنب احتراقها، حيث أن أكثر من 96% من المخيمات تغيب عنها تلك العوازل.
وطالب الفريق المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة إلى ضرورة تأمين تلك المستلزمات من أجل الحد قدر المستطاع من خطر الحرائق، مناشداً إياها بالعمل الفوري على تحسين الوضع الإنساني لقاطني المخيمات وإنشاء مطافئ وتدريب كوادر مختصة من أجل إطفاء الحرائق في حال حدوثها.
مخاطر كبيرة جراء استخدام المازوت رديء الجودة في التدفئة
تسبب استخدام المازوت الذي جرى طرحه مؤخراً في أسواق منطقة شمال غربي سوريا إلى تزايد عدد الحرائق ضمن المخيمات والتجمعات السكنية وذلك بسبب سرعة اشتعاله مقارنة بالصنف الآخر من المازوت الخاص للتدفئة.
ويضطر المدنيين إلى شرائه بسبب انخفاض سعره مقارنة بالصنف الثاني المرتفع الثمن والغير متوفر بكميات كبيرة في الأسواق، لكن الأضرار الناجمة عنه تكون قد تكون كارثية عند اندلاع الحرائق المفاجئة كونه سريع الاشتعال.
وبهذا الصدد، قال الصحفي، أدهم دشرني، لفرش، إن المازوت المخصص للتدفئة المطروح في أسواق شمال غربي سوريا خطير ويهدد سلامة وحياة المدنيين جراء اشتعاله السريع ورائحته الكريهة التي تسبب الأمراض التنفسية.
وأضاف، أن المدنيين يضطرون إلى شرائه بسبب أحوالهم المعيشية المتردية كونه الأرخص بين جميع أصناف مواد التدفئة التي تضاعفت أسعارها بشكل كبير منذ بداية الهطولات المطرية في ظل غياب الجهات الرقابية لمختلف الجهات المسيطرة شمال غربي سوريا.
وأكد “دشرني”، أن الحل للحد من الحرائق يتطلب سحب المازوت المتوفر حالياً في الأسواق (رديء الجودة) وتوفير الصنف الآخر المخصص للتدفئة بأسعار تناسب أوضاع المدنيين.
بدوره، شدد فريق منسقو استجابة سوريا على ضرورة تأمين مساكن مناسبة بديلاً عن المخيمات المبنية من القماش والبلاستيك من أجل مقاومة الظروف الجوية المختلفة، ريثما تتوفر الأجواء لعودة النازحين والمهجرين إلى مدنهم وبلداتهم.
الدفاع المدني: على المدنيين اتباع إجراءات الوقاية للحد من الحرائق
شددت مؤسسة الدفاع المدني إلى ضرورة التقييد واتباع إرشادات وإجراءات السلامة العامة والشخصية للحد من اندلاع الحرائق ضمن المخيمات والتجمعات السكانية.
وتتمثل تلك الإجراءات بتجنب وضع المواد القابلة للاشتعال بالقرب من المدافئ وإبعادها من تناول أيدي الأطفال، وإطفاء المدافئ عند الخروج من المنازل أو المخيمات وأوقات النوم، إضافةً إلى تجنب اشعال مواقد الطهي داخل الخيام أو بالقرب منها والتأكد من وجود منافذ للتهوية، بحسب ما أوضحه المتطوع في المؤسسة، شادي الحسن، خلال حديثه لفرش.
وتابع “الحسن”، أن فرق المؤسسة تواصل أعمال التوعية للمدنيين ضمن المخيمات والتجمعات السكنية، إضافةً إلى إجراءات تدريبات حول كيفية استخدام المطافئ وطرق الإخلاء الآمن عند اندلاع الحرائق.
تبقى الحرائق هاجساً يؤرق المدنيين شمال غربي سوريا كل شتاء، خاصة أن أكثر من مليون ونصف منهم يقطنون ضمن مخيمات غالبها مبني من القماش أو البلاستيك، لا سيما مع رداءة أنواع المواد المستخدمة للتدفئة حيث أن الكثير منهم يعتمد على ما يتم جمعه من مكبات القمامة أو الحطب الأخضر أو المواد البلاستيكية والأقمشة القديمة جراء تردي الوضع المعيشي وتراجع نسب عمليات الاستجابة من قبل المنظمات الإنسانية.
إعداد: حمزة العبد الله