كفرنبل في أعين أبنائها
كفرنبل في أعين أبنائها “لم يبقَ فيها إلا أعداد قليلة جدا من الأهالي والكثير من القطط” بهذه العبارة بدأت الحاجة أم أحمد(60) عاما حديثها لفرش أونلاين حول ما أصاب مدينتها كفرنبل بعد بدء الحملة العسكرية على الريف الأدلبي منذ 25/4 من العام الحالي.
بغصة وحسرة كبيرتين تابعت ” كانت مدينتا كبيرة مليئة بالبهجة، كنا فرحين جدا، أما اليوم ومنذ بضعة شهور باتت الأسواق والمنازل خالية من السكان فالقصف من طائرات روسيا والنظام ومن المدافع والراجمات يكاد لا يتوقف وبشكل يومي، وبات علينا التوجه إلى القرى والبلدات المجاورة من أجل تأمين احتياجاتنا ففي كل المدينة لا يوجد إلا محلان تجاريان لا يلبيان كافة الاحتياجات، ويضاف إلى ذلك غلاء سعر صهريج المياه”.
وعن الأسباب التي دفعت الحاجة أم أحمد للبقاء في مدينتها كفرنبل وعدم مغادرتها تقول:” أنا لم أغادر المدينة في أي وقت إلا لأداء مناسك الحج، ولم أفكر في أي وقت بأن أهجرها، فبعد هذا العمر أفضل الموت على أن أترك منزلي ومدينتي وحارتي، فهذه المدينة تشدك بقوة للتمسك فيها حتى لو أخترت أن تهجرها”.
ومع نزوح أغلب ساكنيها والدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحية تم إعلانها مدينة منكوبة لا يمكن العيش فيها، فكافة مقومات الحياة غائبة وغير متوفرة.
مدير المكتب الإعلامي في المجلس المحلي للمدينة فادي الخطيب يقول لفرش أونلاين:” إن مدينة كفرنبل تعرضت خلال الحملة العسكرية الأخيرة لقصف مكثف بكافة الأسلحة ما أدى إلى دمار كبير جدا حيث تتجاوز نسبته 75% وبالنسبة للعائلات المتبقية فتقدر بنحو 300 عائلة منعتهم الظروف الاقتصادية من النزوح، نحن بدورنا كمجلس محلي نقف عاجزين أمام ما يحصل فلا يمكننا فعل أي شيء أمام الدمار الكبير وخصوصا بأننا استنفذنا كتلة مالية كبيرة خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحملة فمولدات الأمبيرات لم تتوقف وقتها، أما اليوم وبعد الضرر الكبير الذي أصاب المولدات والخطوط اضطررنا لإيقاف عمل المولدات وبما يخص المياه فقد لحق دمار كبير في الشبكة”.
ويرى غالبية سكان المدينة بأن مدينتهم تحولت إلى أخطر بقعة في محافظة إدلب، فلا يستطيع المدنيين العودة إلى منازلهم لعدة أسباب إما بسبب الدمار الكبير وخروج كافة المرافق الحيوية عن الخدمة أو نتيجة دمار منازل العديد من المدنيين، ولعل السبب الأبرز الذي يمنعهم عدم ثقتهم بالوعود الروسية ووعود قوات النظام بما يتعلق بوقف إطلاق النار.
أحمد العبد الله أحد المدنيين ممن لا زالوا في المدينة يقول لفرش أونلاين:” إن المدينة ومنذ بداية هذا الشهر تتعرض لقصف مستمر ومتواصل، وبالرغم من ذلك لم أغادرها من أجل تفقد المنزل كي لا تتم سرقته”. وتنقسم آراء المدنيين حول العودة إلى مدينتهم بين متفائل ومتشائم ومترقب لما قد تحمله الأيام المقبلة، فبعد إعلان وقف إطلاق النار من قبل وزارة الدفاع الروسية تباينت الآراء بين مؤيد للعودة من أجل تفقد المنازل ومؤيد للعودة بشكل دائم وبين من يدعوا إلى التريث قليلا حتى تتضح الأوضاع السياسية والتوصل لهدنة دائمة لا مؤقتة. عمار السطيف أحد المدنيين ممن نزحوا إلى مدينة سلقين يقول لفرش أون لاين حول رأيه في العودة إلى مدينته:” إن قلبي يتلهف للعودة إليها لكن لا ثقة لي في وعود روسيا ولهذا أتريث في موضوع العودة من عدمه حتى تتضح الأمور”.
وعن مدينة كفرنبل يضيف السطيف: “إنه لا أفضل من المكان الذي ولد فيه الإنسان وترعرع وأسس حياته، فاليوم وبعد نزوحي منها زاد هذا العشق لتلك المدينة التي كانت تحتضن كل من هجر منزله قسرا وكانت الحضن الدافئ للثائرين عن نظام الطاغية”.
ويعيش حاليا في المدينة بضع مئات من المدنيين بعد الحملة العسكرية الأخيرة على ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي في الوقت الذي كانت تعتبر فيه المدينة واحدة من أكبر التجمعات السكانية في الريف الجنوبي للمنطقة، ويفتقر من تبقى فيها من المدنيين إلى أدنى مقومات الحياة في ظل عدم وجود أي جمعية خيرية أو منظمة لتلبية احتياجاتهم وتراجع دور المجلس المحلي في المدينة الذي نزح جميع موظفيه.
إعداد: حمزة العبد الله