نظام الأسد وروسيا يخرقان وقف إطلاق النار في إدلب.. معارك عنيفة ومخاوف من كارثة إنسانية
لم تمضي إلا اثنتان وسبعون ساعة بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد الرابعة المشمولة بمحافظة إدلب والأرياف المتصلة بها بعد مفاوضات شهدتها العاصمة الكازاخية نور سلطان “أستانا”، بين كل من تركيا وروسيا وإيران وبحضور وفدي المعارضة والنظام.
وسرعان ما أعلن النظام يوم الخامس من أغسطس عن طريق بيانٍ لوزارة دفاعه ينصُ على استئناف العملية العسكرية في منطقة خفض التصعيد المشمولة بمحافظة إدلب والأرياف المجاورة لها.
وبدأت قوات النظام وميليشياته مدعومة بطائرات العدوان الروسي بقصف المدن والبلدات في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي وسجلت الحصيلة الأكبر للاستهدافات على مدن كفرزينا واللطامنة وخان شيخون ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين.
وتتزامن عودة العمليات العسكرية في منطقة خفض التصعيد مع اجتماعات تركية أمريكية لبحث ملف المنطقة الآمنة التي تصر تركيا على تشكيلها لحماية حدودها الجنوبية من خطر التنظيمات الكردية.
الكاتب والمحلل السياسي ميشيل كيلو يقول في حديث خاص لفرش أونلاين:” إن عودة التصعيد على منطقة خفض التصعيد يعد خرقا لما تم التوصل إليه في مؤتمر أستانا، وهو محاولة روسية للضغط على تركيا التي دخلت في مفاوضات مع واشنطن من أجل موضوع المنطقة الآمنة التي تنوي إقامتها على الحدود، وليس صحيحيا بأن النظام هو من خرق الاتفاقية بل روسيا من كانت السباقة، فالنظام لا يمتلك حق تقرير أي شيء، فهو مجرد ورقة بيد الروس”.
ويضيف “كيلو” في حديثه عن علاقة التصعيد في إدلب بالتزامن مع الاجتماعات التركية الأمريكية حول ملف المنطقة الآمنة: “روسيا تدرك بأنها خارج حسابات المنطقة الآمنة وبأنها لن تكون جزءا من المعادلة الجديدة التي ستتم في المستقبل، فالذلك تستغل وجود بعض التنظيمات التي تسميها إرهابية ومتطرفة في منطقة إدلب للضغط على تركيا، فهي لا تريد لتركيا أن تتحرك بشكل مستقل دون رغبتها، وأما في إدلب فهناك اتفاقية موقعة بين الرئيسين التركي والروسي تنص على إقامة منطقة منزوعة السلاح وحتى اليوم لم يتم تنفيذ ذلك المطلب فللطرفين وجهة نظره الخاصة حول تلك المنطقة، ويضاف إلى ذلك موضوع الاوتسترادات الدولية التي تصر موسكو على فتحتها في أقرب وقت للتخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تواجه نظام الأسد”.
واستبعد “كيلو” في حديثه بأن يكون هناك صفقة تركية روسية بحيث تدعم روسيا التحرك التركي في شرقي الفرات مقابل أن تغض تركيا النظر حول ما يجري في منطقة خفض التصعيد”.
وأكد “كيلو” بأنه في حال التوافق التركي الأمريكي حول المنطقة الآمنة والعمل على البدء بتنفيذ الخطط المشتركة بين الدولتين فأن روسيا ستعيد حساباتها في منطقة إدلب.
وزعم بعض المحللين وجود صفقة تركية روسية بهدف تسليم إدلب للأخيرة بعد إقامة المنطقة الآمنة، علماً أن مناطق شمال شرق سوريا خاضعة للوصاية الأمريكية.
من جانبه فند مصطفى سيجري القيادي في فرقة المعتصم التابعة للجيش الوطني السوري تلك الأنباء وقال عبر حسابه في توتير:”المنطقة الآمنة لم ولن تكون في مقابل إدلب كما تروج بعض الأبواق وبعض مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأضاف أن “العدوان الروسي خارج التفاهمات الأمريكية التركية وفي إدلب أكثر من 50 ألف مقاتل، والجيش الوطني لم يتأخر عن القيام بواجباته تجاه إدلب، والمعركة اليوم وفي كامل المحرر بالإضافة لملف شرق الفرات باتت تدار من غرفة عمليات واحدة”.
وشهد ريف إدلب الجنوبي عودة العشرات من العائلات إلى مدنها وقراها بعد ساعات من الإعلان عن التوصل لوقف إطلاق النار، لكن سارعان ما عاد قسم كبير منهم إلى المخيمات ومدن الشمال بعد خرق الاتفاقية من قبل ميليشيات النظام.
المواطن أحمد يقول لفرش أونلاين:” منذ بدء الحملة في شهر رمضان وحتى يومنا هذا لم أغادر مدينتي وأترك منزلي، فأنا أفضل البقاء فيه على النزوح، وبالنسبة للظروف المعيشية صعبة للغاية حيث لا يوجد أي مشفى أو مستوصف في المنطقة، حتى الأفران غير موجودة، وهو ما يضطرني للذهاب إلى البلدات المجاورة التي لم تستهدف بشكل مكثف ولا تزال الحياة طبيعة فيها قدر الامكان”.
ويشهد ريف حماة الشمالي معارك واشتباكات عنيفة بين ميليشيات النظام مدعومة بطائرات الاحتلال الروسي وفصائل غرفة الفتح المبين في محاولة من قبل الأولى بالتقدم والسيطرة على عدد من المدن والبلدات، حيث تمكنت الميليشيات بعد يومين من خرق اتفاق وقف إطلاق النار من السيطرة على بلدة الزكاة وقرية الأربعين بالإضافة إلى سيطرتها على بلدة الصخر وتلتها القريبة من الحدود الإدارية لمحافظة إدلب.
وشهدت منطقة خفض التصعيد خلال الأشهر الثلاثة الماضية حملة عسكرية من قبل ميليشيات النظام مدعوما بطائرات الاحتلال الروسي، حيث تمكنت تلك الميليشيات من السيطرة على عدد من المدن والبلدات في ريف حماة الشمالي.
إعداد: حمزة العبدالله