بهدف القضاء على الأمية.. منظمة إنسانية تستكمل مشروع “المعلم المتجول” في شمالي سوريا
لا يخفي الطفل محمد (10 سنوات مهجر من محافظة دير الزور يقطن مع عائلته في إحدى مخيمات مدينة تل أبيض شمالي الرقة) فرحته بعد تمكنه من كتابة وقراءة بعض الكلمات التي كان في السابق يجهلها جراء انقطاعه عند الدراسة جراء نزوح عائلته المستمر من منطقة إلى أخرى.
تتشابه حال محمد الذي لم يدخل إلى المدرسة خلال السنوات الأخيرة مع حال آلاف الطلاب في مناطق شمال غرب وشمال شرق سوريا الذين حرمتهم الظروف الصعبة والنزوح من بدء تحصيلهم العلمي أو إكماله، إذ تشير الإحصائيات الخاصة ببعض المنظمات الإنسانية إلى وجود 5 إلى 10 أطفال بين كل 100 طفل لم يبدؤا تعليمهم أو انقطعوا عنه، يضاف إليها نسبٌ كبيرة من الأطفال المتسربين جراء توقف مئات المدارس جراء عدم وجود أي مستحقات مالية للمعلمين، إلا أن آلاف الأطفال عادوا إلى متابعة دراستهم بعد الحملة التي أطلقتها منظمة “هدى” الإنسانية أواخر العام 2020، في تلك المناطق والتي تستهدف الأطفال الأميين والمنقطعين.
والد الطفل محمد قال لفرش: “في السابق كان محمد غير قادراً على القراءة أو الكتاب بسبب انقطاعه عن المدرسة منذ سن السابعة بسبب النزوح المستمر والتنقل بين عدة مناطق، ولم أتمكن من تسجليه في المدرسة جراء الأوضاع الأمنية السيئة وقتها والعمليات العسكرية التي كانت تشهدها المنطقة”.
وأضاف، أن مبادرة محو الأمية التي تعمل عليها منظمة “هدى” الإنسانية مكنت طفله من الكتابة والقراءة بعد تسجيله مع أقارنه في مدرسة المخيم وخضوعه لجلسات تعليمية مكثفة من قبل المعلمين الجوالين الذين يزورن المخيم على مدار أربعة أيام متتالية كل أسبوع.
13 ألف طفل مستفيد من مبادرة محو الأمية
استفاد 13 ألف طفل من الخدمات التعليمية التي تقدمها منظمة “هدى” الإنسانية في مناطق شمال غرب وشمال شرق سوريا، منذ بدء مشروعها (المعلم المتنقل) أواخر العام 2020، وفقاً لما أوضحه المنسق الإعلامي في المنظمة، مروان القاضي، خلال حديثه لفرش.
وتسعى المنظمة إلى القضاء على الأمية المنتشرة بين أوساط الأطفال في تلك المناطق بعد حرمانهم من بدء تحصيلهم العلمي، حيث أن الآلاف منهم يعيشون ضمن مخيمات بعيدة ونائية عن مراكز المدن، إضافةً إلى عدم وجود المدارس فيها الأمر الذي يثقل كاهل عائلاتهم ويجعلها غير قادرة على تسجيل أطفالها في المدارس البعيدة نظراً للظروف الإنسانية القاسية وعدم قدرة غالبية تلك العائلات على تحمل النفقات المالية الكبيرة المترتبة في حال تسجيل أطفالها في المدارس البعيدة (تقدر المسافة بـ 7 كم إلى أقرب مدرسة).
يقول “القاضي”، إن فكرة المعلم المتجول جاءت نظراً لوجود آلاف الأطفال الأميين في تلك المناطق التي تم استهدافها خلال العاميين الماضيين، حيث تمكنوا من خلال مبادرة محو الأمية إلى الوصول لـ 13 طفل منذ انطلاقها عبر 4 مشاريع تعليمية.
وأضاف، أن المنظمة تولي أهمية كبيرة لجهة تحسين جودة العملية التعليمية ولمحو الأمية التي باتت ظاهرة تهدد بضياع مستقبل جيل بأكمله.
ما هي مراحل المشروع ومن هي الفئات المستهدفة؟
تستهدف المبادرة الأطفال في المرحلة الابتدائية بالدرجة الأولى كونها الشريحة العمرية الأكثر ضرراً من الانقطاع عن التعليم، إذ يشرف كادر من المنظمة على إجراء إحصائيات في المناطق والمخيمات المراد استهدافها ضمن المشروع ودراسة حالة الأطفال ومستواهم التعليمي، ليصار لاحقاً إلى تجميعهم ضمن صفوف في القرى والمخيمات النائية، وبعدها يتولى كادر من المعلمين مسؤولية متابعة تعليم الأطفال خلال فترة 6 أشهر متواصلة يجري فيها تعليمهم الحروف والأعداد والقراءة والكتابة، والتعليم التعويضي للمتسربين ليصار إلى اختبارهم في النهاية والتأكد من جاهزيتهم للتسجيل في المدارس الحكومية التي تشرف عليها الحكومات المسيطرة في مناطق شمال شرق وشمال غرب سوريا (الحكومة المؤقتة- حكومة الإنقاذ)، بحسب “القاضي.
وتعزى أسباب تسرب الأطفال من المدارس إلى عدة أمور أبرزها، سوء البنية التحتية الخاصة بقطاع التعليم من مدارس ومراكز تعليمية جراء ما تعرضت له خلال العمليات العسكرية السابقة من مختلف القوى المسيطرة في البلاد، إضافةً لغياب الدعم المقدم من قبل المنظمات الإنسانية المعنية بالتعليم الأمر الذي يفضي إلى هشاشة المؤسسات التعليمية وبالتالي تسرب أعداد كبيرة من الطلاب، بحسب “القاضي”.
إعداد: حمزة العبد الله