بعد تأجيره ميناء طرطوس… هل أوفى الأسد ديونه أم أن التنازلات القادمة أكبر؟
بدأت روسيا بجني ثمار تدخلها العسكري لصالح نظام الأسد بعد أكثر من ثلاثة سنوات ونصف ساعدت وساندت فيها النظام على استعادة المناطق التي خسرها نتيجة الحرب ضد المعارضة السورية.
وقدمت روسيا خلال تلك السنوات كافة أنواع الدعم للنظام السوري سياسيا وعسكريا من أجل تمكينه في الحكم إلا إن ذلك الدعم لم يكن بالمجان وبدون مقابل.
ونتيجة للدعم الروسي الذي أنقذ نظام الأسد من السقوط والانهيار، أبرمت روسيا عدة اتفاقيات مع النظام تمكنها من استملاك أراضي وعقارات في مناطق حيوية من البلاد كالمنطقة الغربية على الساحل السوري وحقول النفط والفوسفات.
وفي العشرين من شهر نيسان المنصرم أبرمت روسيا اتفاقية مع النظام السوري تمكنها من استئجار ميناء طرطوس على الساحل السوري لمدة 49 عاما ليكون الميناء المنطقة الجديدة التي تستملكها روسيا لصالحها بعد قاعدتا حميميم الجوية وطرطوس البحرية.
وتكون الاتفاقية سارية لمدة 49 عاما، يتم تمديدها تلقائيا لمدة تبلغ 25 عاما، إلا في حال إبلاغ أحد الطرفين للآخر قبل عام من انتهاء مدة الاتفاقية عن قراره وقف سريانها.
وفي حديث خاص لفرش أونلاين يقول الأستاذ غزوان قرنفل رئيس تجمع المحامين السوريين:” إن النظام السوري لا يملك من أمر نفسه شيئا، فهو يخضع لكل من إيران وروسيا اللتان أنقذتاه من السقوط والانهيار، وبالتالي لا يمكنه رفض ما يملئ عليه من إملاءات من داعميه، فهو في نهاية المطاف مدين لهما وعليه أن يسدد هذا الدين”.
وأضاف “قرنفل”: بالتأكيد ستؤثر الاتفاقيات التي يبرمها النظام السوري مع روسيا أو إيران على الدولة السورية والمجتمع السوري بشكل سلبي لأن المناطق التي يأجرها ليست أملاكا خاصة له بل هي مناطق الثروات والخيرات في البلاد وهذا سينعكس على الأحوال المعيشية والاقتصادية بالنسبة للشعب السوري”.
ولعل من أبرز الأسباب التي تدفع النظام السوري إلى أبرام اتفاقيات طويلة الأمد مع روسيا أو إيران هو الديون المتراكمة عليه خلال سنوات الحرب، فالبلدان أنفقا ملايين الدولارات لتثبيت حكمه.
وخلال الثورة السورية حولت روسيا مرفأ طرطوس من مجرد كونه مركز صيانة ودعم إلى محطة بحرية متعددة الاستخدامات، وقديما كانت النقطة التي تزود روسيا من خلالها الأسلحة إلى النظام السوري، بالإضافة إلى اعتبارها مشروعا مستقبليا لتوطيد موطئ القدم الروسي في سوريا.
ولا تعد فكرة استئجار ميناء طرطوس فكرة جديدة حيث أنه في شباط من العام 2012، نقلت وكالة سبوتنيك الروسية أن مسؤولين في البجرية الروسية كشفوا عن وجود نوايا لبلادهم بإعادة بناء ميناء طرطوس وتطويره ليتمكن من إيواء واستيعاب سفن حربية ضحمة، وهو ما يعبر عن أطماع روسيا الاستعارية في سوريا.
وفي يناير من عام 2017، أبرمت روسيا ونظام الأسد اتفاقا يمتد على نحو 49 عاما يسمح للأولى بالإبقاء على أسطولها البحري في ميناء طرطوس، وتوسيعه ليستوعب 11 سفينة حربية بالإضافة غواصات نووية.
حكومة النظام السوري بدورها علقت على خبر تأجير الميناء ل “الحليف الروسي معتبرة إياه خطوة في الطريق الصحيح من أجل جذب المستثمرين الروس لتنفيذ مشاريع حيوية في البلاد”، وتابعت الحكومة على لسان وزير النقل، علي حمود الذي أكد بأن الميناء أرض سورية وستبقى كذلك وبأن دمشق لم تتخل عن المرفأ، وزعم “حمود” خلال حوار أجراه مع الفضائية السورية، أن عقد استثمار المرفأ مع الجانب الروسي هو مشروع “استراتيجي” سيؤدي إلى استثمارات كبيرة تسهم في إعادة إعمار سوريا وتحقيق إيرادات اقتصادية كبيرة جدا مع الحفاظ على العمال الموجودين واستقطاب عمال جدد، على حد تعبيره.
وبين “حمود” أن سوريا “لا تقبل بشراكات مع شركات من الدول، التي حاربت الشعب السوري الذي ضحى وتحمل كل المعاناة من أجل أن يبقى القرار السيادي سوريا”.
وبحسب الموقع الرسمي لمرفأ طرطوس فقد تم تصميمه من قبل شركة “كامب ساكس الدنماركية”، ويبعد المرفأ مسافة 220 كيلو مترا عن العاصمة دمشق ويشغل مساحة ثلاثة ملايين متر مربع، منها مليون ونصف المليون متر مربع مساحة الأحواض المائية، والمساحة المتبقية مساحة الساحات والمستودعات والأرصفة.
منطقة حيوية جديدة يتم تأجيرها لروسيا من قبل النظام السوري في خطوة يراها مراقبون ومحللون بأن روسيا بدأت بجني ثمار تدخلها الذي أوقف انهيار النظام وإعادته للحياة من جديدة، فهل ستشهد الأيام المقبلة تنازلات من قبل هذا النظام لتثبيت حكمه؟؟؟
حمزة العبد الله (كفرنبل –إدلب)