مخاوف من كارثة إنسانية شمال غربي سوريا في حال إغلاق معبر باب الهوى
“ستحدث مجاعة وستنتشر السرقة وأعمال السطو المسلح”، بهذه الكلمات وصف عبد الله الفرحات مهجر من بلدة “حاس” جنوبي إدلب، ما ستؤول إليه الأوضاع في المناطق المحررة شمال غربي سوريا، في حال إغلاق معبر باب الهوى أمام المساعدات الإنسانية.
يعتمد “الفرحات” في معيشته على ما تقدمه المنظمات من المساعدات الأممية التي تدخل عبر المعبر، حاله حال ما يزيد عن المليون ونصف مهجر ونازح يعيشون ضمن مخيمات شمال غربي سوريا، التي ترزح تحت وطأة معاناة إنسانية حادة تتزايد وتيرها يوماً تلو والآخر.
يقول “الفرحات” لفرش: “أعيش مع عائلتي في خيمة صغيرة مصنوعةٍ من القماش الذي لا يقي أجسادنا حر الصيف أو برد الشتاء، وبات الحال لا يطاق فمنذ تهجيرنا من بلدة حاس والوضع من سيء لأسوء”.
وأضاف “الفرحات”، أنه مريض ولا يستطيع العمل ويعتمد في معيشته على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات بشكل دوري.
وأبدى الفرحات” مخاوفه من توقف تلك المساعدات عند إغلاق معبر باب الهوى شمالي إدلب، في الشهر المقبل، جراء التهديد الروسي الذي لا يتوقف منذ عدة أسابيع.
روسيا تهدد: حان الوقت لإغلاق باب الهوى
هدد مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، خلال انعقاد الجولة الـ 18 من مفاوضات “أستانا” في الـ 15 من الشهر الجاري، بمنع تجديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا خلال التصويت المرتقب في مجلس الأمن لتجديد القرار “2585” في التاسع من تموز/يوليو القادم.
وقال “لافرينتييف”، “إن الوقت حان لوقف تلك الآلية المؤقتة وعدم السماح بتجديدها” مالم توافق من وصفها بالحكومة “الشرعية” في دمشق، داعياً إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، الذي سيقوم بدوره بإيصالها إلى كافة المناطق السورية، على حد زعمه.
باب الهوى آخر المعابر الإنسانية مهدد بالإغلاق
ويعد معبر باب الهوى شمالي إدلب آخر المعابر الإنسانية المتبقية التي تدخل عبرها قوافل المساعدات الأممية إلى شمال غربي البلاد، المكتظة بما يزيد عن 4,3 ملايين مدني بينهم 1,5 نازح ومهجر يعيشون ضمن مخيمات المئات منها بدائية وعشوائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة.
ودخلت قرابة 7500 شاحنة إغاثية محملة بحوالي 180 ألف طن من المساعدات الإنسانية عبر المعبر منذ تجديد القرار “2585” العام الماضي، وفق ما أوضحه، مازن علوش، مدير العلاقات العامة في المعبر لفرش.
وحذر “علوش” من أن إغلاق المعبر في وجه المساعدات الإنسانية الداخلة للمدنيين، سيؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة لقرابة 4 ملايين مدني غالبيتهم من النازحين والمهجرين.
وتسبب “الفيتو” الروسي في جلسة لمجلس الأمن الدولي في شهر تموز/يوليو عام 2020، بإغلاق معبري “باب السلامة” شمالي حلب و “اليعربية” شمال شرقي الحسكة أمام المساعدات الإنسانية، في حين جرى الإجماع وقتها على إبقاء معبر “باب الهوى” قيد العمل، ألا أن التهديدات الروسية الحالية وإصرارها على منع تجديد القرار قد يؤدي إلى إغلاق آخر المعابر الإنسانية في سوريا.
تحذيرات من أزمة إنسانية كبيرة
وحذرت منظمات إنسانية تعمل في مناطق شمال غربي سوريا، من تداعيات كارثية على المدنيين في حال عدم تجديد قرار مجلس الأمن “2585” الخاص باستمرار دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى شمالي البلاد.
وقال عبد الرزاق عوض مدير منطقة إدلب بمنظمة “سيريا ريليف” لفرش، إن إغلاق المنفذ الأخير لدخول المساعدات الإنسانية سيزيد من الأعباء الإنسانية على ملايين المدنيين في المناطق المحررة، خاصة مع وجود أكثر من 1,2 مليون نازح يعيشون في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة.
وأضاف، إن الاحتياجات الإنسانية للسكان لا تزال مرتفعة لا سيما مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المناطق المحررة، مؤكداً أن الاستجابة الإنسانية منذ تجديد القرار “2585” وحتى شهر يونيو/ حزيران الحالي لم تتعدى الـ 50%، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بهول الأزمة الإنسانية.
وحذر “العوض”، من تحول ملف المساعدات الإنسانية إلى سلاح بيد نظام الأسد في حال عدم تجديد القرار وتحويل مسار المساعدات إلى مناطق سيطرته، مؤكداً، أن الأخير سيعمل على فرض أجنداته السياسية بالشأن الإنساني، وهو ما ينافي القيم الإنسانية.
من جانبه، أوضح هشام الديراني، المدير التنفيذي في منظمة “بنفسج” الإنسانية خلال حديثه لفرش، أن عدم تجديد القرار سيؤدي إلى توقف ما نسبته 65% من المساعدات الإنسانية وإلى توقف المشاريع التي تنفذها المنظمات المحلية بتمويل من برامج منظمة الأمم المتحدة.
وستتأثر بذلك المشاريع الطبية والتنموية والخدمية، وهو ما سينعكس على ملايين المدنيين في المنطقة، بحسب “الديراني” الذي أشار إلى عدم وجود بدائل متاحة للاستمرار بالعمليات الإنسانية في مناطق شمال غربي البلاد، مؤكداً أنه لا يوجد بديل عن الآلية الأممية الخاصة بإدخال المساعدات.
وقال “الديراني”، إن ما تقدمه المنظمات المحلية سيتوقف بشكل تدريجي في حال إغلاق المعبر الإنساني، مضيفاً أن الفترة الأقصى الممكنة للاستمرار بالعمليات الإنسانية إذا ما تم ذلك ستكون 3 أشهر أو ما يزيد بقليل، وذلك يعتد على التمويل المتوفر.
بدوره، أوضح عبد الرزاق الفج منسق في منظمة “نبض” الإنسانية لفرش، أن مشاريع المساعدات الغذائية والطبية والمياه والإصحاح والتنموية ستتأثر بشكل كبير، وقد تتوقف بعد أشهر مالم يتم تجديد قرار عبور المساعدات الأممية إلى شمال غربي سوريا، عبر معبر باب الهوى.
فيما رأت صحيفة “الشرق الأوسط” في تقرير لها، أن موسكو تتعمد التلويح بـ “الفيتو” ضد تجديد الآلية الخاصة قبل التصويت عليها في تموز المقبل، بهدف ابتزاز وإخضاع الدول الغربية للحصول على تنازلات بما يخص العقوبات المفروضة عليها بسبب غزوها لأوكرانيا.
ويصوت مجلس الأمن في التاسع من تموز/يوليو المقبل، على مشروع القرار “2585” الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود.
إعداد: حمزة العبد الله