خريجو جامعات الشمال السوري بلا عمل.. والمؤسسات الحكومية تقف عاجزة
يعاني خريجو جامعات الشمال السوري المحرر، من قلة في إيجاد فرص عمل، على الرغم من كثرة المنظمات الإنسانية والمراكز الحكومية التي تكتظ بالموظفين الذين يحملون شهادات تخرج من جامعات نظام الأسد، بالإضافة إلى فئة من الموظفين ممن لا يملكون تحصيل علمي يخولهم دخول سوق العمل، الأمر الذي يضاعف من معاناة الخريجين الجدد.
واقع بعض المتخرجين من جامعات الشمال السوري
يصطدم الكثير من خريجي جامعات المناطق المحررة شمالي سوريا، بالواقع المرير في تحصيل فرص عمل بعد سنوات طويلة من الدراسة والتعب.
محمد الموسى طالب متخرج من إحدى الجامعات في مدينة إعزاز شمالي سوريا، تحدث لراديو فرش عن معاناته في إيجاد فرصة عمل: ” تفاجئت مثلي مثل الكثير من الخريجين بعدم تحصيل وظيفة عقب التخرج، فهدفي من الدراسة كان إيجاد عمل يؤمن لي ولعائلتي حياةً كريمة”.
وقال “الموسى”: “كنت أريد أن أكسب تحصيل علمي ينفعني وينفع الأهالي في المناطق المحررة، فقمت بالتسجيل في إحدى الجامعات في مدينة اعزاز، ودرست في المعهد الطبي اختصاص تخدير، وتكللت دراستي بنجاح رغم كل المصاعب التي عانيت منها بمعدل ٧٥%”.
وأضاف: “أتيت الى محافظة ادلب وبدأت البحث عن عمل، حيث طُلب مني مزاولة مهنة من مديرية الصحة بمدينة إدلب، ذهبت الى مديرة الصحة هناك إلا أن الموظف المسؤول طلب مني تقديم كتاب من إدارة الجامعة في جامعة إعزاز للحصول على الترخيص والمزاولة، فقلت لهم جامعتنا تابعة للحكومة السورية المؤقتة ولدينا اعترافات في الشمال السوري ولدي مزاولة المهنة لدى الحكومة السورية المؤقتة، فكان رد الموظف لي لا يهمنا”.
وأردف “الموسى”: “ذهبت إلى وزارة التعليم في الحكومة السورية المؤقتة مع بعض الزملاء المتخرجين وشرحنا لهم ما حصل معنا، قالوا نحن لا يهمنا أمر حكومة الإنقاذ لأنه في المستقبل ستكون الحكومة السورية المؤقتة هي المرشحة لتكون حكومة المحرر”.
وبعد نقاشات عقيمة مع مديرية الصحة بإدلب، أراد الطالب إيصال رسالة تحاكي وجعه ووجع زملائه قائلاً: “نحن أبناء هذه الثورة والتعب الذي مررنا به لا يعلم به الا الله، لن يقبلوا إلا بما اقترحوه، بعد أكثر من عشرة سنوات لا زال هناك أمور علينا إصلاحها في ثورتنا المباركة وعلى المسؤولين النظر لأوجاع الطلاب والمتخرجين في الشمال السوري”.
المنظمات والمؤسسات الإنسانية
وفي حديث خاص لفرش قال مسؤول التواصل بمنظمة “نبض الإنسانية”، عبد الرزاق الفج: “يمتلك المتخرجين من جامعات نظام الأسد الأولوية بسبب الاعتراف الدولي بهذه الجامعات، في حين أن الجامعات في المناطق المحررة غير معترف عليها بشكل كامل”.
وأضاف “الفج”: “أصدرت حكومة الإنقاذ مؤخراً، قراراً يمنع الطلاب المتخرجين الحديثين في جامعات نظام الأسد من التوظف في المنظمات الإنسانية والمؤسسات الحكومية، الأمر الذي يعود إيجاباً على خريجي جامعات الشمال السوري بسبب إعطائهم الأولوية في التوظف”.
دراسة خاصة عن مُخرجات التعليم وسوق العمل
ومن جهته يقول المدير التنفيذي لمؤسسة “IDEA2020” علي حلاق: “من خلال الدراسة التي قمنا بها مسبقاً، تم طرح سؤال للمنظمات والمؤسسات الحكومية، هل وظفتم خريجي الجامعات؟ فكانت الإجابة هي نعم، حيث تؤكد المنظمات توظيف 55% من خريجي جامعات الشمال السوري”.
وأضاف “حلاق”: “أن السبب الرئيسي لقلة توظيف المتخرجين من جامعات الشمال، هي قلة الخبرة العملية، وضعف مهارات التواصل، إضافةً لانخفاض مستوى استمراريتهم في الأعمال وضعف الثقة في النفس”، على حد تعبيره.
وأكد، أن الدراسة أطلقت عدة مقترحات لدعم توظيف خريجي الجامعات في الشمال السوري ومنها: “تنظيم عملية التوظيف في سوق العمل، والالتزام بالشروط المطلوبة (تكافؤ في فرص العمل)، دعم الخبرات النظرية بمهارات التدريب العملي، نشر الوعي في مؤسسات سوق العمل بخصوص قبول توظيف خريجي الجامعات وإشراكهم في سوق العمل، تعزيز ثقافة التطوع”.
ولفت، إلى أهمية إصدار المؤسسات الرسمية قرارات لإعطاء الأولوية لخريجي جامعات الشمال السوري، بالإضافة لرفع جودة التعليم، وبناء خطة التعليم العالي في الجامعات.
التربية والتعليم في الشمال السوري
وحدثنا الدكتور جهاد حجازي وزير التربية في الحكومة السورية المؤقتة، عن الحلول حول فرص العمل لخريجي الجامعات، قائلاً: “الحلول تكمن في وجود حالة من الاستقرار، وتشجيع رجال الأعمال على العودة والاستثمار في المناطق المحررة، من أجل خلق فرص عمل”.
وأضاف حجازي: “يجب دراسة توزيع التخصصات الجامعية بطريقة تضمن للطالب إيجاد عمل بعد التخرج (عملية توجيه تخصصات)، والخروج فيها عن النمط التقليدي والذي هو رغبة الطلاب في التوجه إلى التخصصات الطبية، ودفعهم لتخصصات لها مستقبل فعلي ومضمون”.
الجامعات
أحمد أبو حجر رئيس جامعة إدلب يقول لفرش: “تكمن زيادة فرص العمل من خلال توسعة العمل في المؤسسات الحكومية من خلال بناء المصانع والمعامل وزيادة الحركة الاقتصادية في المنطقة، وهذا يؤدي إلى التنمية الاقتصادية وزيادة الطلب على خريجي الجامعات والأيادي العاملة”.
وأضاف “أبو حجر”: “أن المنظمات الإنسانية لا تعنى بالشأن العام وبتوظيف المتخرجين من جامعات الشمال السوري، ولا تأخذ على عاتقها إيجاد فرص عمل، وتسويق اليد العاملة، وإنما يعد هذا الشأن من أعمال الحكومة أو الجهة المسؤولة في الشمال السوري المحرر”.
تعد مشكلة إيجاد فرص عمل لخريجي جامعات شمال غربي سوريا، واحدةً من الأمور الشائكة، لا سيما مع تراجع نسبة من يجدون وظائف، في حين تبقى أعداد كبيرة بل أي عمل، وهو ما يضطرهم إلى العمل في الأعمال الحرة من أجل تأمين قوت يومهم في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة.
إعداد: حمزة العمور