نشطاء يطلقون حملة إعلامية لمناصرة التعليم في إدلب
تمر العملية التعليمية في محافظة إدلب، بالكثير من الصعوبات تتمثل بانخفاض الدعم المالي المقدم من قبل المنظمات الإنسانية للهيئات المسؤولة عن القطاع التعليمي، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عشرات المدارس.
كما وتسبب انخفاض الدعم بحرمان آلاف المعلمين من الحصول على أجورهم، ولعل المتضرر الأكبر هم الأطفال الذين باتوا أما متسربين لا يستطيعون متابعة تحصيلهم العملي، أو يدرسون في مدارس تعمل بشكل تطوعي وهو ما يؤدي إلى حرمانهم من حقهم في تحصيل علمي جيد نوعاً ما.
وبهدف مناصرة العملية التعليمية في إدلب، أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملةً إعلامية لتسليط الضوء على معاناة آلاف المعلمين والطلاب، تحت اسم “ادعموا تعليم إدلب”.
وتهدف الحملة إلى مناصرة المعلمين والمعلمات ممن لا يتقاضون أي أجور مقابل استمرار عملهم، ولتسليط الضوء على واقع عشرات الآلاف من الطلاب المتسربين من المدارس بسبب نقص الكوادر التعليمية، وتفضيل قسم كبير من المعلمين على إيجاد مصدر رزق لتأمين قوت عائلاتهم، لاسيما مع تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في المحافظة، بحسب ما قاله الإعلامي محمد الفصيل أحد القائمين على حملة “ادعموا تعليم إدلب” لفرش أونلاين.
وأضاف “الفصيل”، أن موعد انطلاق الحملة تزامن مع الذكرى السنوية ليوم الطفل العالمي، بهدف تسليط الضوء على حق الأطفال في متابعة تحصيلهم العلمي، في وقت يتزايد فيه أعداد المنقطعين والمتسربين من الأطفال عن المدارس نتيجة لظروف عائلاتهم المادية وعدم قدرتها على إكمال تعليم أطفالها، أو لقلة الكوادر التعليمية في عدد كبير من المدارس التي تعمل بشكل تطوعي.
من جانبه، أكد محمد بلعاس أحد القائمين على الحملة لفرش أونلاين، أن الهدف الأساسي لحملة “ادعموا تعليم إدلب”، هو تسليط الضوء على قضية الأطفال المتسربين البالغ عددهم أكثر من 145 ألف طفل، والعمل على إيجاد الحلول لإعادتهم لإكمال تحصيلهم العلمي، مشيراً، أن استمرار تسربهم من المدارس سيؤدي إلى انتشار ظاهرة عمالة الأطفال بشكل كبير، والزواج المبكر وانتشار الجهل والتخلف في أواسطهم.
وتقوم الحملة على نشر وسم الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و “تويتر”، إضافة لمشاركة صور من بعض المدارس التي تعمل كوادرها التعليمية بشكل تطوعي، ولاقت الحملة تفاعلاً كبيراً بحسب القائمين عليها نتيجة لدورها في حث المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية إلى ضرورة دعم العملية التعليمية في المحافظة، نظراً لأهمية العلم في بناء الأمم والحضارات.
وقال الطفل محمد درويش (أحد الأطفال المتسربين من المدرسة) لفرش أونلاين: “إنه يضطر للعمل بدلاً من الدراسة لمساعدة عائلته الفقيرة، نتيجة لكون والده من أصحاب الإعاقة ولا يقدر على العمل”، وهو ما تسبب بحرمانه من أبسط حقوقه، وفق تعبيره.
ويضيف “درويش”، “أعمل في بيع المناديل الورقية على أرصفة الطرق وأمام المطاعم والحدائق للحصول على بضعة ليرات تركية لمساعدة عائلتي، وأشعر بغصةٍ كبيرة عندما أشاهد الأطفال في سني يذهبون إلى المدارس، وكم أتمنى لو استطعت من إكمال تعليمي”، مشيراً، أنه ترك المدرسة منذ الصف الرابع بعد تهجير عائلته من حمص.
وتنطبق حالة محمد على آلاف الأطفال من أقرانه في إدلب، ممن يعملون لمساعدة عائلاتهم بسبب فقدان الوالد أو عجزه أو نتيجة تردي الحالة المادية.
ويعيش الأطفال محرومين من حقوقهم الأساسية مثل التعليم والصحة والحماية من العنف، وتحديداً في إدلب، حيث يضطر قسم كبير منهم للعمل مما يعرضهم للتعنيف من قبل أرباب العمل أو الاعتداءات الجنسية والجسدية من قبل بعض المستغلين.
ويعتبر المعلمين المتطوعين من أبرز المتضررين، وتشير إحصائيات مديرية التربية والتعليم في إدلب، إلى وجود أكثر من 5700 معلم ومعلمة من الكوادر المتطوعة التي لم تتلقى أي مقابل منذ أكثر من عام ونصف، وهو ما سينعكس سلبياً على أوضاعهم المعيشية في ظل غلاء الأسعار من إيجارات المنازل وارتفاع سعر السلع والمواد الغذائية والمحروقات وصعوبة تأمين مواد التدفئة للشتاء.
وتشير إحصائيات مديرية التربية والتعليم في إدلب، إلى أن عدد الكوادر المتطوعة في المحافظة يبلغ 5707، إضافةً لوجود أكثر من 400 مدرسة تعمل كوادرها بشكل تطوعي، فيما يبلغ عدد الطلاب في تلك المدارس 130 ألفاً و44 طالباً، كما ويزيد عدد المتسربين من الأطفال الذين لا يتلقون التعليم 145 ألفاً، بحسب ما قاله محمد ناجي مدير مجمع أريحا التربوي لفرش أونلاين.
وقال الأستاذ أحمد (متطوع في إحدى المدارس) لفرش أونلاين: “أعمل كمتطوع منذ أكثر من عام، لم أتلقى فيه أي راتب مقابل استمراري بالعمل، باستثناء بعض المنح السنوية الخجولة والقليلة التي تقدمها مديرية التربية للمعلمين المتطوعين التي لا تعادل راتب شهر واحد من رواتب المعلمين المدعومين من قبل المنظمات الإنسانية”.
ويضيف، “أن الوضع العام في إدلب يشير إلى التدهور خاصة مع انهيارات الليرة التركية مقابل الدولار، وأنه مسؤول عن عائلة تتطلب تأمين مصروها”، وتسأل قائلاً: “كيف لشريحة كبيرة من المعلمين والمعلمات المتطوعين الاستمرار بالعمل بدون أي مقابل في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وانتشار الفقر”.
وأشار، إلى أنه قد يضطر لترك عمله بالتدريس في حال استمر الوضع على ما هو عليه بالنسبة للمتطوعين، من أجل البحث عن مصدر رزق بديل يلبي متطلبات عائلته.
من جانبه، أكد الأستاذ محمد (متطوع هو الآخر) لفرش أونلاين: “أن القطاع التعليمي في إدلب، يعتبر من أكثر القطاعات تهميشاً من قبل المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية المسؤولة عن الملف التعليمي في المحافظة، متسائلاً عن السبب وراء ذلك.
كما وتفتقر المخيمات التي يقطنها مئات الآلاف من النازحين، إلى وجود المدارس فيها، وهو ما يحرم آلاف الأطفال في تلك المخيمات من إكمال تعليمهم، الأمر الذي سيؤدي إلى ضياع مستقبلهم.
وتصادف حملة “ادعموا تعليم إدلب” الذكرى السنوية ليوم الطفل العالمي، وتشير الإحصائيات ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن 8.5 مليون طفل في سوريا تأثروا بسبب النزاع الدائر في بلادهم، وأن “8 من كل 10 أطفال تأثروا بشكل فعلي جراء النزاعات المسلحة، وأن حوالي 700 ألف طفل يعيشون ظروفًا صعبة للغاية في مناطق النزاعات المسلحة، فيما تسرب مليونا طفل من المدارس، شريحة كبيرة منهم في محافظة إدلب وبقية مناطق شمال غربي سوريا.
ويعيش الأطفال في إدلب، ظروفاً استثنائية غاية في الصعوبة نتيجة النزوح القسري، ما دفع الآلاف منهم للعمل في سن مبكرة والتسول لتأمين قوتهم اليومي، لتصبح ظاهرة عمالة وتسول الأطفال من أبرز الظواهر التي تهدد جيلا كامل بضياع مستقبلهم.
إعداد: حمزة العبد الله