مدنيو جبل الزاوية يقتلعون أشجار الزيتون لاستخدام حطبها في التدفئة
“نقتلع أشجار الزيتون من أجل استخدام حطبها في إشعال مواقد التدفئة كوننا لا نملك الأموال الكافية لشراء مواد التدفئة التي ارتفعت أسعارها أضعافاً مضاعفة”، بهذه الكلمات وصف “أبو محمد” حال أهالي قرى وبلدات جبل الزاوية جنوبي إدلب خلال فصل الشتاء الحالي.
هذا الحال لا يعجب المزارع “أبو محمد” كونه يؤدي إلى تراجع عدد أشجار الزيتون في جبل الزاوية لكن كما يقول “ما باليد حيلة” فاقتلاع الأشجار أفضل من رؤية أطفاله يرتجفون من البرد “القارس” خلال فصل الشتاء الذي يبدو بأنه سيكون قاسياً عليهم كالأعوام السابقة في ظل ظروف إنسانية ومعيشية صعبة تعصف بسكان الجبل.
ازدياد ظاهرة اقتلاع الأشجار المثمرة شمال غربي سوريا خلال السنوات الأخيرة
تزايدت في السنوات الخمسة الماضية ظاهرة اقتلاع أشجار الزيتون في مناطق شمال غربي سوريا بشكل كبير لأسباب كثيرة، فالبعض من المدنيين لجأ إلى اقتلاع الأشجار لاستخدامها في التدفئة بسبب الأوضاع الاقتصادية وغلاء أسعار مواد التدفئة، والبعض الآخر اقتلعها لاستبدالها بأشجار التين كون أن تكاليف حراثة أشجار الزيتون مكلفة وتحتاج إلى جهد كبير على عكس أشجار التين “الاقتصادية” ذات المردود المالي الأعلى من نظيرتها.
وانعكس ذلك سلباً على الثروة النباتية في المنطقة التي تشتهر بكثرة أشجار الزيتون، إذ تعتبر مناطق شمال غربي سوريا من أكثر المناطق السورية بعدد الأشجار المثمرة من الزيتون والتي تنتج كميات كبيرة من الزيت، حيث أنه من الصعب إيجاد بدائل للأشجار المقتلعة بسبب طول المدة التي تحتاجها أشجار الزيتون للنمو وإنتاج الثمار.
يقول “أبو محمد” خلال حديثه لفرش، إنه اضطر إلى قلع بعض أشجار الزيتون من حقله هذا العام من أجل استخدام حطبها في إشعال مواقد التدفئة والطبخ، وإنه يشعر بالغصة جراء ذلك لكن تردي الأوضاع المعيشية وعدم امتلاكه للمال دفعه للاستغناء عن بعض الشجيرات من أجل تدفئة منزله.
وأضاف: “كيف لي أن أرى عائلتي ترتجف من البرد ولا أحرك ساكناً من أجلهم، لذلك فضلت اقتلاع الأشجار واستخدامها للتدفئة والطهي بالرغم من المخاطرة المحتملة التي قد تنتج عن استخدام الحطب الغير جاف في التدفئة”.
فيما قال “أبو نادر” وهو من سكان جبل الزاوية لفرش، إنه اقتلع بعض شجيرات الزيتون واستبدلها بأشجار التين لعدة أسباب منها، انخفاض تكاليف رعاية وحراثة التين مقارنة بأشجار الزيتون التي تحتاج إلى جهد كبير، ووفرة المحصول الذي تنتجه أشجار التين والمردود المالي الأعلى العائد من التجارة به بعد قطفه وتجفيفه.
وأضاف “أبو نادر”، أن رعاية أشجار الزيتون تحتاج إلى جهد كبير ومال وفير وهو ما لا يقدر عليه أغلبية سكان المنطقة فالظروف المعيشية تتفاقم يوماً بعد آخر والوضع الأمني غير مستقر بسبب استمرار الهجمات من قبل قوات نظام الأسد على قرى وبلدات جبل الزاوية، مشيراً، أن الكثيرين فضلوا استبدال أشجار الزيتون بالتين علهم يستطيعون تأمين دخل مادي في فصول الصيف بعد نجاح تجربتهم بالاستثمار في زراعة أشجار التين.
مخاوف من تراجع عدد أشجار الزيتون شمال غربي سوريا
يحذر خبراء ومهندسون زراعيون من نقصٍ كبير بعدد أشجار الزيتون في مناطق شمال غربي سوريا خلال السنوات المقبلة، في حال استمرار عمليات القطع الجائر وعدم تدخل الجهات الحكومية لوضع حد لتلك العمليات التي تهدد الثروة النباتية في المنطقة.
يقول المهندس الزراعي، مجد الشيخ، لفرش، إن استمرار عمليات القطع الجائر لأشجار الزيتون تهدد بنقص كبير في السنوات القادمة، خاصةً إن إعادة زراعتها يحتاج إلى سنوات طويلة حتى تنمو وتبدء بإنتاج ثمار الزيتون.
ودعا “الشيخ” الجهات الحكومية في مناطق شمال غربي سوريا إلى وضع حد لتلك العمليات، فمن المعروف أن ما يميز تلك المناطق هو اشتهارها بموسم الزيتون والزيت.
ويلجأ المدنيون في المنطقة إلى قلع أشجار الزيتون من أجل تدفئة منازلهم نتيجة انخفاض درجات الحرارة وافتقارهم إلى المال جراء الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعصف بهم منذ سنوات، وسط انسداد الأفق تجاه أي حل سياسي ينهي تفاقم المعاناة الإنسانية التي يعيشها السوريين.
إعداد: حمزة العبد الله