كورونا.. مخاوف من انهيار النظام الصحي شمال غربي سوريا نتيجة ازدياد الإصابات وانخفاض تدابير الوقائية
تشهد مشافي ومراكز العزل الاجتماعي المخصصة لعلاج المصابين بكورونا اكتظاظاً كبيراً للمرضى ممن تستوجب حالتهم الصحية وضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي، حيث يجد ذوي عشرات المرضى صعوبة كبيرة في حجر مرضاهم، ما يضطر المسؤولين عن تلك المشافي إلى تخريج الحالات الأقل خطورة لإفساح المجال أمام الحالات الجديدة.
ولا تزال المنطقة تسجل مئات الحالات يومياً، إضافة لحالات الوفاة التي باتت تذكر أرقامها بشكل شبه يومي، وفقاً لإحصائيات مخبر الترصد الوبائي.
امتلأت غرف العناية المشددة والمركزة وكافة الأسرَة، بات إيجاد سرير فارغ أمراً صعباً، البعض من المرضى الجدد يفترش أروقة وساحات المشافي ومراكز العزل والبعض الآخر ينتظراً طويلاً لوضعه على أجهزة التنفس الاصطناعية، هذا ما يقوله الأطباء والعاملين في مشافي عزل كورونا شمال غربي سوريا.
وينذر الانفجار المتسارع للجائحة بانهيار وشيك للنظام الصحي شمال غربي، كما يقول القائمين على القطاع الصحي في المنطقة، حيث تبلغ نسبة إشغال مراكز العزل ما يزيد عن الـ 95%، وسط تحذيرات ومخاوف من قبل المنظمات الإنسانية من كارثية صحية تتزايد خطورتها يوماً بعد الأخر.
يقول الطبيب رامي كلزي، مدير البرامج بوزارة الصحة في الحكومة المؤقتة في حديث خاص لفرش أونلاين: “إن النظام الصحي على وشك الانهيار، إذ ارتفعت نسبة إشغال مراكز العزل المجتمعي قياساً مما كانت عليه خلال الموجة السابقة، لا يوجد أي مكان فارغ فيها لاستقبال المرضى الجدد، وما هو ما قد يدفعهم بالتعاون مع المنظمات الإنسانية إلى تحويل أقسام من المشافي العامة إلى مراكز عزل لحجر الإصابات”.
وأضاف: “للآسف النظام الصحي شمال غربي سوريا غير قادر على الصمود فترة طويلة، حيث استنزفت الكوادر الصحية العاملة في المنطقة كافة إمكانياتها المتاحة لوقف ذروة الموجة الثانية لكنها فشلت نتيجة ازدياد معدلات الإصابة وإشغال كافة مراكز العزل بشكل كامل.
وأشار “كلزي”، أن الوزارة وضعت كل طاقتها في تجهيز واستحداث مراكز العزل وزيادة الأسرة وأجهزة التنفس، ولا تزال تتواصل مع كافة المنظمات الإنسانية بما فيها الصحة العالمية والهيئات الدولية لزيادة الدعم للقطاع الصحي والتدخل السريع لإنقاذ المنطقة من كارثة إنسانية “لا تحمد عقباها”.
وقال وزير الصحة في الحكومة المؤقتة الطبيب مرام الشيخ في وقت سابق لفرش أونلاين: “إن الحكومة ستعمل على افتتاح مراكز عزل جديدة، وزيادة أعداد المنافس لتصل إلى 180 جهاز تنفس اصطناعي في المراكز المفعلة”، وعول، على وعي المواطنين من أجل مساندة العاملين في القطاع الصحي لتجنب خطر وقوع كارثة إنسانية كبيرة.
وتعد قدرة القطاع الصحي للصمود بالتزامن مع استمرار الموجة الثانية من انتشار كورونا، منخفضة نتيجة ما تعرض له من تدمير واستهداف للمنشآت الصحية من قبل نظام الأسد وحليفته روسيا، إذ استهدف القصف المباشر بالقذائف والغارات الروسية وبراميل المروحيات العديد من المشافي والمراكز الصحية في شمال غربي سوريا ما قلل من إمكانيات الصمود في وجه أي كارثة تهدد المناطق المحررة، بحسب ما قاله مدير صحة إدلب لفرش أونلاين في وقت سابق.
من جانبه، أشار المسؤول الإعلامي بمديرية صحة إدلب عماد زهران، أن عدد المشافي المخصصة لعلاج المصابين بكورونا يبلغ 5 مستشفيات و6 مراكز عزل مدعومة و7 تعمل بشكل تطوعي.
وتتركز أكثر الحالات المؤكدة بالفيروس في مدن إدلب وحارم وأريحا وعفرين واعزاز وجرابلس، نظراً للكثافة السكانية الكبيرة وتواجد عشرات المخيمات، حيث صنف فريق منسقو استجابة سوريا في وقت سابق، منطقة حارم من المناطق الأعلى تسجيلاً لعدد الإصابات بالفيروس.
تبقى إجراءات الوقائية والإغلاق الجزئي للمنشآت العامة حلولاً بسيطة للحد من انتشار الوباء في منطقة يزيد عدد سكانها عن الـ 5 ملايين ونصف المليون مدني غالبيتهم من المهجرين والنازحين جراء العمليات العسكرية التي شنها نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس.
كما وتبقى فرص إغلاقٍ كامل أمراً صعب التحقيق في منطقة تعاني من تدهور الاقتصاد وارتفاع الأسعار وانتشار البطالة ويحتاج غالبية سكانها إلى العمل في الأعمال الحرة لكسب قوت يوم عائلتهم.
ودعا “كلزي”، المواطنين إلى ضرورة تلقي لقاح كوفيد 19 والتقيد بإجراءات الوقاية العامة والشخصية.
وبالرغم من دعوة المنظمات الإنسانية والمسؤولين عن المؤسسات الطبية العامة في شمال غربي سوريا إلى التقيد بإجراءات الوقاية من الجائحة، إلا أن نسبة كبيرة من المواطنين لا تتقيد بتلك التعليمات في ظل مواصلة حركة الأسواق والتجمعات في الأماكن العامة دون ارتداء الكمامات أو حتى ترك مسافة آمنة بين المجتمعين.
يذكر أن العدد الكلي للإصابة بفيروس كورونا بلغ 64 ألف و316 إصابة، بعد إجراء أكثر من 255 ألف تحليل، ووفاة 1038 شخصاً منذ بدء انتشار الجائحة في شمال غربي سوريا.
إعداد: حمزة العبدالله