محمد قصي العرعور.. شظيَّة وقرآن يجسِّدان قصة شهيد
محمد قصي بن محمد العرعور شاب عشريني من مواليد مدينة كفرنبل عام 1990، درس الابتدائية في مدرسة ابو بكر الصديق والاعدادية في مدرسة هيثم البيوش والثانوية في مدرسة ذي قار، في مدينة كفرنبل.
دخل بعدها محمد كلِّية العلوم في جامعة دير الزور، وفي السنة الثانية له في الجامعة بدأت الثورة السُّوريَّة، فاضطُّر لترك الجامعة والعودة الى بيته في كفرنبل وعمل مع اخوته في محلاتهم ورفض الزواج بانتظار ان تستقر أمور الحياة، وبقي كذلك حتى نهاية السنة السابعة للثورة.
بتاريخ الرابع من شهر شباط الحالي وبينما كان ذاهباً الى المسجد لأداء صلاة العشاء، استهدفت طائرة حربيَّة تابعة للعدوان الروسي وسط المدينة سقط على إثراها عدد من الشهداء وعشرات الجرحى، وكان محمد قصي أحد شهداء تلك المجزرة.
شظيَّة سوداء ملتهبة قد مُلأت غيظاً وحقداً دخلت في رقبته، لتأدِّي إلى انقطاع أوردة الدَّم ونزوفه حتَّى استشهاده، رحل وبقى قرآنه الَّذي كان يحمله، وقد اغبرَّ وتمزَّقت بعض صفحاته.
إسماعيل القدح الصديق المقرب للشهيد محمد لفرش أونلاين: “تعجز الكلمات أن تصف ما ألمَّ بي وأصابني من حزن وألم على فراق رفيق الدَّرب وصديق الطفولة، لم يكن هناك أشدّ ألماً على النفس من أن تتلقى نبأ وفاة صديق عزيز وليس كباقي الأصدقاء بل كان يمثِّل فرداً من أفراد الأسرة”.
وتابع القدح: “عاشرته منذ الطفولة وبقي وفيَّاً صادقاً واسع الصدر طيب النفس ضحوك الوجه كبير القلب، مستعدَّاً لمواجهة وتحدي أشدَّ المصاعب والمتاعب في سبيل قضاء حوائج الأصدقاء وغيرهم من بقيّة الناس، بلغ درجة من الصدق تجعل اللحظات بقربه تفرج الهموم والصعوبات ولو كانت أثقل من الجبال ليحوِّلها فرحٍاً وسروراً، روحك موجودة بيننا إلى قيام الساعة وأثرك ولَد بصمات في قلوبنا، ونسأل الله كما ألَّف بين قلوبنا في الدنيا أن يجمعنا بك في الجنَّة وتكون كما عهدنا مواقفك في الدنيا شفيعاً لنا في الآخرة”.
محمود السطيف صديق الشهيد لفرش أونلاين: “لا أذكر محمد قصي إلا والبسمة قد ملأت محيَّاه، ويرسمها على وجوه من حوله، طيَّب القلب عزيز النفس، كنت أتمنَّى أن أراه عريساً وأقوم بواجبه ولكنَّ قدَّر الله وما شاء فعل، رحل وترك فراغاً في قلوبنا وستبقى ذكراه راسخة في عقولنا ما حيينا”.
نشأ قصي ذلك الشاب الخلوق المهذب منذ طفولته على طاعة الله ما بين صلاة الجماعة وكثرة ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم، الذي جعله يحظى بكرامةٍ من الله لحظة انتقاله وليست أيَّ كرامة لتكون آخر لحظة من عمره على طاعة الله وهو في طريقه لطلب العلم وحفظ القرآن الكريم الذي أُخذ من بين يديه بعد استشهاده ليكون شاهداً له أمام الله.
لم يكن محمد قصي مجرَّد اسمٍ عند أهله وأصدقائه، فهو الابن والأخ والصديق الصدوق، لم تشفع له طيبة قلبه ونبل هدفه، ليكون هدفاً مشروعاً لطائرات اقتصر هدفها على قتل المدنيين، وسرقة أحلام أهله الَّتي اقتصر على رؤية محمد في يوم فرحه ورؤية أولاده من حوله، ليكون شهيداً عريساً يزفُّ مع كوكبة من الشُّهداء وتبقى دماؤه وقرآنه خير شاهدٍ ودليل.
مؤيد العقدة (كفرنبل, إدلب)