احتضن طفله الصغير واختلطت دماؤه بقوت رزقه.. الشهيد أنس خالد الجعار وابنه عمر
الشهيدُ أنس الجَّعار من أبناء مدينة كفرنبل، ولد في الحادي عشر من شهر حزيران 1981 واستشهد في الرابع من كانون الأوَّل عام 2016.
متّزوجٌ وله ثلاثة أولاد، الصغيرُ منهم أبى أن يتركَ والده حتَّى أثناء استشهاده.
ترعرع أنس في أسرة تتألفُ من خمسة أولاد وابنتين، هو الكبير في العائلة ومفتاح النور عند والديه وبداية البسمة على وجوههم.
درس أنس في مدرسة إزرع بريف درعا، وعاش فيها فترة من الزمن بحكم عمل والده الذي كان يعمل لصالح نظام الأسد في ذلك الحين.
أتم المرحلة الإعدادية وترك الدراسة لذهب للعمل في معامل الكنسروة المشتهرة فيها المنطقة التي كان يعيش فيها، بسبب ضعف حالة أهله المادَّية، وبقي حتى بلغ سن الرشد وذهب للخدمة الإلزامية وبعدها قام بالتطوع في صفوف الجيش في ذلك الوقت.
تنقل أنس في العديد من المدن بحكم عمله وقبلها عمل والده واستقر هو وزوجته وعائلته في منطقة السبينة بريف دمشق في منزل بسيط أنشأه بعد بنفسه دون مساعدة أحد.
بقي يرسم أحلامه في ذلك المنزل البسيط حتى اندلعت شرارة الثورة وبدأت هتافات الشعب الرنانة بصوت واحد وكلمة واحدة هي ” حريتنا كرامتنا وحياتنا”.
ظلَّ أنس يرسم أحلامه في ذلك المنزل البسيط حتَّى اندلعت الثورةُ في سوريا وعمد نظامُ الأسد على نشر حواجز الأمن والشبيحة في المدن والبلدات، حيث انتقل أنس مع كتيبته إلى ريف إدلب بالقرب من مدينة “محبل” حاول الفرار عدَّة مراتٍ لكن لم يحالفه الحظ، حتَّى ذهب والده بعد تحرير مدينة كفرنبل وطلب زيارته بحجَّة أنَّ أمه مريضة واستطاع أن يهرَّب ابنه بعد عناءٍ وسفر شاق.
انضمَّ أنس إلى صفوف الثورة وعمل مع الجيش الحر “فرسان الحق” في مجال الشُّرطة الليلية، ونظراً لسوء أحواله المادَّية اضطر للعمل في بيع الخُضار ليكسب قوته ويكفي عائلته.
وذات يومٍ خرج أنس مع ابنه الصغير إلى العمل وأثناء بيعه للخضار شنّت الطائرات الحربية التابعة لقوَّات الأسد غارةً جويةً على الشَّارع الَّذي يعمل فيه أنس ليستشهد رفقة ابنه دون سابق ذنب.
والدةُ الشهيد في حديثٍ خاصٍّ لفرش أونلاين:” حينما سمعتُ صوت الانفجار شعرتُ بأنّ شيئاً ما حدث، وبعد دقائق علمت أنَّ القصف على الشارع الَّذي يعملُ فيه ولدي، وما هي إلا لحظات حتَّى أدخلوا أنساً عليَّ وهو ملطَّخٌ بدمائه الطاهرة وبجانبه طفله الصغير، بدأت الدموع تنهمرُ من عيوني والنارُ تضرمُ في قلبي على ولدي وحفيدي”.
“محمود القدَّور” صديقُ الشهيد يقولُ لفرش أونلاين:” لن أنسى أنس، ولن أنسى أخلاقه وقلبه الَّذي لا يعرفُ الحقد والكره، كان يحبُّ مساعدة الناس ويعطف على الفقراء والصغار”.
هكذا ذهب الشاب الخلوق مع قطعة قلبه الصغيرة ورحلا إلى من هو أرحم منا عليهم، خرجا لكسب رزقهما فاختلطت دماؤهم بقوت رزقهم.
محمد العباس (كفرنبل – إدلب)