محمد نزيه الحلاق.. أراد أن يصاحب أمه بثوب الشهادة
الشهيد محمد من أبناء مدينة كفرنبل من مواليد 1990م، شاب أعزب، درس محمد في مدارس مدينته كفرنبل إلى المرحلة الثانوية، ومن بعدها أكمل دراسته الجامعية بجامعة حلب في كلية الآداب (أدب عربي).
منذ بداية الثورة آثر محمد الانضمام إلى صفوف المتظاهرين السلميين الذين نادوا بالحرية وإسقاط النظام، فشارك محمد بالعديد من المظاهرات حاملاً غصن الزيتون في يد وفي اليد الأخرى حفنة من الأرز الذي ينثره بالشوارع، بتشجيع من والدته التي كانت دائماً تحيطه بحنانها هو ورفاقه فالشهيد محمد عاش يتيم الأب، وكانت والدته بمثابة الأم والأب له ولإخوته.
ومع اشتداد الثورة واشتعالها طلب محمد من والدته أن تسمح له بترك مقاعد الجامعة، وهو حلم أمه أن تراه بالجامعة ولكن نزلت والدته عند رغبته وقالت له بالتوفيق يا ولدي، وانضم محمد إلى ركب المتظاهرين وكان سعيداً جداً، لأنه يكره الظلم.
ترك محمد مقاعد الدراسة وبما أنه الولد الأكبر لإخوته بدأ محمد بالبحث عن عمل في مدينته ليعيش منه فعمل في محل لبيع الدجاج مع أقربائه، وتمكن محمد من تأمين مصروف المنزل حاملاً عن أمه حملاً كبيراً.
وفي شهر رمضان قرر الثوار تحرير مدينة كفرنبل من رجس حواجز قوات الأسد ومع انطلاق معركة تحرير مدينة كفرنبل تطوع محمد مع رفاقه في إسعاف الجرحى والمصابين إلى النقاط الطبية نتيجة قصف قوات الأسد على المدينة.
وبحمد الله ومنته تمكن الثوار من تحرير مدينة كفرنبل قبيل عيد الفطر بحوالي خمسة أيام، كانت فرحة الأهالي عارمة ولا تعادلها فرحة، ولكن بدأ هذا النظام المجرم بالانتقام من المدنيين في المدينة بقصفها بالطيران والمدفعية بشكل جنونيٍّ مستهدفاً المشافي والمدارس والمدنيين، فنجم نتيجة القصف العديد من المجازر بحق المدنيين مخلفةً العشرات من الشهداء والجرحى.
وفي أول أيام عيد الفطر ذهب محمد لتبادل تهاني العيد مع الأقارب برفقة والدته، وهو اليوم الذي سبق استشهاده بيوم واحد وكان من جملة ما قاله محمد رحمه الله هل صحيح أننا سوف نعيش ونشهد سقوط هذا الطاغية.
وفي اليوم الثاني للعيد طلبت أم محمد منه أن يأخذها لتشاهد بعينها انهزام جنود الأسد وانحسارهم من حواجز المدينة، وكان هناك بالقرب من الحاجز بيت جده لمحمد فذهبوا للاطمئنان عليهم أيضاً، ولم تكن تعلم أنها وابنها سوف يكونان من بين ضحايا مجازر هذا الطاغية، فعند وصولهم إلى مكان الحاجز استهدفت المدينة حينها طائرة غادرة، وكان محمد ووالدته من بين الشهداء الذين سقطوا نتيجة هذه الغارات في تاريخ 22\8\2012.
يقول سامي الحلاق أخ الشهيد لفرش أون لاين:” لقد كان ذلك اليوم من أسوء أيام حياتي لقد فقدت أخي العزيز ووالدتي الغالية، إنني ﻻ أحتمل فراقهم، تبقى ذكراهم في ذهني طوال الوقت أتذكر أخي بضحكته وبالأوقات التي أمضيناها سوية وأتذكر والدتي بحنانها ومحبتها لنا و أكثر ما يحز في نفسي أنهما استشهدا لم يتمكنا من رؤية أخي إيهاب الذي كان في سجون الطاغية، فقد كانت أمنيتهما أن يسعدا برؤيته قبل وفاتهما، رحم الله أخي ووالدتي وتقبلهم من الشهداء”.
اخت الشهيد الكبرى تقول لفرش أونلاين: ” رغم مرور كل هذه السنوات على استشهاد والدتي وأخي محمد فهما الشمعتان اللتان كانتا تنيران منزلنا أمي بحنانها الفياض بابتسامته الرائعة اللهم ارحمهما وتقبلهما في الشهداء.
مؤيد الخليل صديق الشهيد وأحد أقاربه يقول لفرش أون لاين:” أعرف محمد منذ الصغر أمضينا أجمل الأوقات سوية ودرسنا سوية كان من أعز أصدقائي، خبر وفاته كان صاعقاً بالنسبة لي”.
انضم محمد ووالدته إلى كوكبة الشهداء الذين نالوا الشهادة قبلهم ليكونوا منارة للأجيال القادمة، وعطروا بدمائهم الطاهرة ثرى الوطن ورقدوا بسلام بعيداً عن ضجيج الحرب وصخبها، محمد ذلك الشاب الخلوق المهذب الذي كانت لا تفارقه الضحكة مهما كانت ظروفه، بسبب هذا النظام الظالم لتكون ذكراهم نوراً ينير درب الثورة على الظلم لمن بقي من بعدهم في الكفاح ضد هذا النظام.
وفاء المحمد