عاش حياته بين كفاحين…توفير لقمة عيش عائلته وبناء جيل المستقبل
ولد الشهيد محمود موسى التعتاع في الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1968، في مدينة كفرنبل جنوبي إدلب، لعائلة مؤلفة من سبعة أفراد (خمسة صبية وفتاتان).
وفي عمر الثامنة، التحق بالمدرسة القريبة من مكان سكنه واتم كافة مراحله الدراسية حتى تخرجه من المرحلة الثانوية وبدء بعدها مرحلة جديدة من حياته في الجامعة، درس محمود أربع سنوات وتخرج بعدها ليبدأ فصلا جديدا بتعليم الأطفال حيث عمل في سلك التدريس مدرسا للمرحلة الابتدائية لسنوات طويلة.
أسس محمود عائلته ورزق بثلاثة أطفال ذكور وبفتاة وحيدة وعاش حياته بين العمل كمدرس بالإضافة إلى عمله في محل تجاري للأدوات المنزلية من أجل توفير حياة سعيدة لأولاده.
عاش محمود حياته بين الكد في تدريس طلاب المدارس الذين سيكونون بناة المستقبل، والكفاح من أجل كسب قوت عائلته ففي تلك الأثناء كانت رواتب المعلمين متدنية جدا ولا يمكن الاعتماد عليها في المصاريف اليومية.
عاش محمود حياته بشكل غير طبيعي بعد بداية الثورة السورية فتزايدت همومه ومعاناته بعد دخول قوات النظام إلى مدينته والتي عاثت فسادا وعملت على التضييق على المدنيين الثائرين ضد آلة القمع، وبعد تحرير مدينة كفرنبل على أيدي أبنائها وبداية القصف الانتقامي على المدنيين بدأت الحياة تصبح سيئة وصعبة وبدأ المدنيين باتخاذ الملاجئ الأرضية بدلا من منازلهم خوفا من أي قصف مفاجئ.
وفي صباح 28 من شهر آب لعام 2012، وكأي يوم عادي خرج محمود إلى سوق المدينة لتسوق احتياجات المنزل من خضار وخبز وغيرها، وفي ذلك اليوم انقضت طائرة حربية على مدينة كفرنبل وقصفت سوق المدينة ما أدى إلى وقوع مجزرة كبيرة في صفوف المدنيين، كان محمود من أحد الشهداء الذين اختارهم القدر ليكونوا أحد شهداء ذلك اليوم الأسود الذي غطى المدينة بالدخان وألبس شوارعها اللون الأحمر.
موسى التعتاع ابن الشهيد يقول لفرش أونلاين: “إن من أصعب اللحظات الفارقة في الحياة هي توديع شخص عزيز وكيف وإذا بذلك الشخص والدي، هناك وفي تلك اللحظات يتوقف الزمن وتتوقف معه الحياة، هي لحظات قاسية عشتها ولا تزال تطوف في ذاكرتي وأنا ذلك الطفل الصغير الذي يودع والده”.
ويضيف: ” عند مشاهدة التلفاز كانوا يقولون لأي طفل مات أبوه أو أمه بأن روحه طافت وصعدت إلى السماء، في ذلك اليوم وبعد سماعي لخبر استشهاد والدي لم أكن أعرف ما معنى ذلك، كانوا يقولون لي بأن ولداي ذهب في سفر طويل وبأنه أصبح في حياة مختلفة عن الحياة التي نعيشها”.
صديق الشهيد يقول لفرش أونلاين: “إن الشهيد محمود كان ذو أخلاق حميدة ونبيلة، صاحب علم ومعرفه، ملتزم دينيا، حسن الخلق، صاحب قلب كبير وحنون، كان محبوبا بين أصدقائنا، عشنا عمرنا طويلا وذكريات عديدة حلوة ومرة، رحمك الله يا صديقي عمري واسكنك فسيح جناته”.
في ذلك اليوم الأسود قطفت طائرات الأسد أرواح عشرات المدنيين دون أي تفريق بين الطفل والشيخ والمرأة والرجل، ليبقى ذلك اليوم محفورا في ذاكرة ذوي الشهداء ويكون شاهدا على إجرام ووحشية لا مثيل لها في القرن الواحد والعشرين.
بقلم حمزة العبدالله