مرض أمي أفقدني صبري
اسمي “ميس”، أبلغُ من العمرِ ثلاثين عاماً، أعيشُ في مدينة كفرنبل متزوَّجةٌ ولديّ ولدان، أعيشُ حياةً قاسيةً مع زوجي وخاصَّةً بعد قيام الثورة في سوريا، فالقصفُ الهمجيُّ من قوَّات الأسد على المدن والقرى جعلنا نعيشُ في نزوحٍ مستمرٍ من مكانٍ لآخر.
وبعد مرور خمس سنواتٍ على الثورةِ في سوريا اتَّخدنا قراراً بالاستقرار في مدينتنا كفرنبل والعيش فيها رغم ظروف الحرب والقصف من نظام الأسد وحلفاءه، لكن لم تكن هذه المعاناة الوحيدة في حياتي بل كان للمرض دوراً كبيراً في جعل الحياة أكثر قسوة.
كانت رؤيةُ أهلي بخيرٍ تشجَّعني كي أواجه الحياة وظروفها، حتَّى جاء يومٌ وحضر أخي ليخبرني أنَّ أمي في المشفى وهي في حالةٍ يرثى لها، خرجتُ مسرعةً نحو المشفى لأرى أمَّي على أحد الأسرَّة بأسوء حال نتيجة العمل الجراحي الَّذي خضعت له في الرأس.
وبعد فترةٍ من الزمن مررتُ بهم أثناء عودتي من عملي لأعلمَ أنَّ الألم عاد إليها، وحالتها بدأت تسوءُ جدَّاً حيث هذه أوَّلُ مرةٍ أرى بها أمي بهذا الحال، وأوَّلُ مرةٍ تختلجُ فيها أمام عيني حيثُ كان منظراً قاسيَّاً حين بدأت الدماءُ تخرجُ من فمها شعرتُ أنَّها ستفارقُ الحياةَ في هذه اللَّحظة، سرعان ما بدأ الدمعُ ينهمرُ من عيوني وجسدي يرتجفُ بشدَّة، حتَّى مضت دقائق واستافقت أمَّي من اختلاجها فقمنا بنقلها إلى المشفى حيثُ طلب منَّا الطبيبُ صور طبقٍ محورٍ للرأس.
كانت أمَّي تشعرُ بخوفي عليها فحين تصحو ويهدأ ألمها تنظرُ إليَّ وتبتسمُ في وجهي كي تُشعرُني أنَّها بخير، وتحاولُ جاهدةً التَّحدثَ معي لكن لم تتمكَّن من الكلام بسبب الاختلاجات، وهذا ما جعل الدنيا تسوَّدُ في عيني وأشعرُ بضعفٍ كبيرٍ ولا أستطيع إخفاء وجعي، لأنَّ دموعي تغلبُ صبري وصمودي أمامها وخاصَّةً أنَّني بمفردي معها.
لا أملكُ في الدنيا أغلى من أمَّي هي زهرةُ حياتي أتمَّنى أن تعودَ لصحتها وحالتها الطبيعية كي ترى إخوتي الغائبين عنها بعد الشَّوق المقيم في قلبها منذ سنين.
(تغريد عبدالله)