الرجل المقدام الذي أفنى حياته فداءً لثورته
الشهيد أحمد المشيعل هو من مواليد قرية بسقلا جنوب كفرنبل في الخامس من شهر أيار / 1962 استشهد عن عمر يناهز اثنين وخمسين عاماً، متزوج وله عائلة مكونة من أربع بناة وولدين.
درس الشهيد أحمد المشيعل المرحلتين الابتدائية والأساسية في مدارس بلدته بسقلا، وأكمل دراسة المرحلة الثانوية في ثانوية ذي قار التابعة لمدينة كفرنبل، وذلك لعدم وجود ثانوية للطلاب في تلك الأوقات.
وبعد إنهاء دراسته استمر الشهيد أحمد في متابعة حلمه الذي كان يراوده منذ صغره وهو أن يكون ضابطاً في صفوف الجيش ليلتحق بمن كان يظنهم السد المنيع في الأعداء.
انتسب أحمد الى صفوف الكلية الحربية في محافظة حمص، وبدأ بتحقيق حلمه فكانت رغبته في التفوق في عمله أقوى من العذاب الذي كان يعانيه من قسوة التدريبات وشدة التمرين، فكان من الأوائل على دفعته في مختلف المجالات وحاز على العديد من الامتيازات.
تخرج أحمد بتقدير ممتاز برتبة ملازم من مرتبات الفرقة 11 اختصاص مدرعات، وتابع خدمته العسكرية في عدة مناطق سورية، وترقي العديد من المرات في إطار خدمته حتى تم ترفيعه إلى مرتبة عميد ركن في القوات المسلحة، واستلم خلال فترة خدمته العسكرية رئيس غرفة العمليات في الفرقة 11.
وبعد انطلاق الثورة السورية في العام 2011 وخروج الشعب السوري في كافة المناطق منددا بالأوضاع ومناديا بإسقاط النظام، هنا لجأ النظام إلى زج القوى الأمنية في المدن والبلدات لقمع المظاهرات ولكن كل تلك الإجراءات لم تنفع وتوقف الشعب الثائر عن المطالبة بحقوقه، وهنا لجأ النظام إلى زج عناصر الجيش في قمع المظاهرات واحتلال المناطق الثائرة، وبعد أن أدرك الشهيد أحمد بأن النظام سيطلب من الفرقة التي كان رئيس غرفة العمليات العسكرية فيها النزول وقمع المظاهرات واحتلال المدن، حينها قرر الانشقاق والوقوف مع الشعب ضد النظام لما رآه من قمع للحريات والحقوق
انشق العميد أحمد من صفوف قوات الطاغية المجرم وعاد الى بلدته ومسقط رأسه، وبدأ بالعمل في صفوف الشعب الثائر والتحق مع رفاقه المنشقين إلى تشكيل عدد من الكتائب العسكرية لحماية المدنيين من بطش آلة القمع الأسدية،
وبعد تحرير بعض المدن والبلدات، هنا بدأ الشهيد بالعمل على توسعة تلك الكتائب ورفدها بمجموعات أخرى، وينسب للشهيد دوره الكبير في توحيد بعض الكتائب العسكرية الصغيرة في تجمع واحد أطلق عليه جبهة ثوار سوريا.
خاض الشهيد أحمد العديد من المعارك ضد قوات النظام وكان العقل المدبر لبعض تلك المعارك، وشارك في تأسيس كتيبة دفاع جوي، وكان له دور كبير في إسقاط عدد من الطائرات الحربية، ومن المعارك التي شارك وخطط لها “معركة طريق الموت في ريف إدلب الجنوبي، ومعركة مستودعات خان طومان في ريف حلب الجنوبي، وشارك في معركة تحرير محافظة الرقة من قوات النظام قبل أن يحتلها تنظيم “داعش”.
أصيب الشهيد في إحدى المعارك على جبهة بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي، ورغم تلك الإصابة إلا أنه قرر المواصلة في نضاله وكفاحه ضد النظام السوري، وفي العام 2014 جاء قرار بتعينه وزيرا للدفاع في الحكومة السورية المؤقتة.
وفي تاريخ الخامس عشر من آذار لعام 2014 وفي أثناء إحدى المعارك ضد قوات النظام في ريف إدلب بالقرب من مدينة معرة النعمان، كان وقتها الشهيد أحمد ذاهبا للمشاركة في المعركة وقبل وصوله تم اغتياله من قبل مجهولين ليزف شهيدا ويوارى الثرى ملفوفا بعلم الثورة السورية الذي كان يؤمن بأنه سيرفرف يوما في سماء العاصمة السورية.
ابن الشهيد أحمد السيد فراس المشيعل يقول فرش أونلاين:” أبي كان قدوتي في هذه الحياة، كان المثل الأعلى لي، علمني منذ صغري أن أكون على قدر المسؤولية بتحمل مصاعب الحياة وهمومها، انشق والدي عن قوات النظام في العام الثاني من الثورة ولحق بركب الثوار ووقف مع أهله وناسه ورفض أن يكون سلاحه الذي كان يعتز به دوما موجه ضد رجل كبير أو امرأة أو طفل صغير، كان والدي الشمعة التي تنير طريقي وتنير المنزل، غاب صوته الحنون بعد استشهاده، ضحكته وحنانه واهتمامه بنا كان ملازما لنا حتى بعد أن أصبحت شابا كبيرا”.
السيد سامر ابو حسن في قال لفرش أونلاين: “أعرف الشهيد من زمن بعيد عملنا معاً في مدينة حمص فقد كنت اخدم بالقرب من مكان خدمته، كان أبو فراس رجل يتمتع بصفات الشجاعة والوقار وله حضوره بين الضباط وقتها ولا يخاف من كلمة حق يقولها”.
التقيت به عند انشقاقه في كفرنبل وأخبرني عن طريقة انشقاقه وعن حبه للعمل وأنه يجب أن تستفيد الثورة والجيش الحر من خبرته وخاصة أن اختصاصه مدرعات وعمل دورة ركن ولديه خبرة بالمعارك وقيادتها، تلقيت خبر استشهاده، تفاجئت، كثيرا من الخبر وأزعجني ذلك وخاصة بأنه قتل غدرا، وكنت قد التقيته قبل مقتله بثلاثة أيام وأخبرني انه مسافر شمالا وأنه عند عودته سيزورني، ولكن يد الغدر طالته قبل ذلك،
هكذا عاش هذا الرجل المقدام بجرئة وشجاعة، وعزم على قهر الصعاب، كما ابى ان يبقى في صفوف مجرمين، فقاد رجال ثورة الى العز والكرامة لكن يد الغدر كان لها كلام آخر في مسيرته الشريفة.
محمد العباس