شفاء زوجي وولدي هو ما أتمناه في حياتي
صبحية بيوش (كفرنبل-إدلب)
اسمي هدى أبلغ من العمر 35عاماً، من أهالي وسكان بلدة كنصفرة بريف ادلب، تزوجت ورزقني الله بأربعة أطفال (ولدين وبنتين) عشت معهم في منزل صغير مؤلف من غرفتين، كان لدينا أرض مزروعة بأشجار التين والزيتون وفيها بئر ماء بجانب المنزل يبيع زوجي منه المياه، وأحوالنا المادية جيدة.
مرت علينا سنوات قاسية وصعبة مليئة بالخوف والرعب بسبب القصف الهمجي والوحشي الذي تقوم بها قوات الأسد بالمدافع والطيران الحربي والراجمات، وذلك منذ اندلاع الثورة المطالبة بالحرية وإسقاط النظام الغاشم.
في أحد الأيام طلبت من ولدي أحمد البالغ من العمر 17 عامًا أن يشتري لي بعض الحاجيات من السوق، خرج أحمد من المنزل وماهي إلا دقائق سمعت صوت طائرة حربية ومن ثم صوت انفجار قوي جدًا هز البلدة بأكملها، خرجت مسرعةً أصرخ وأركض نحو السوق وعندما وصلت رأيت دمارًا هائلًا حل بالمكان، لقد كان الدخان يغطي المكان، بحثت عن ولدي لكني لم أجد له أثرًا، ذهبت مسرعةً نحو المشفى، فإذا بمدخل المشفى قد مُلأ بالشهداء والجرحى، وأصوات الصراخ تملأُ أرجاء المكان.
دخلت غرف الإسعاف فإذا بممرضين يحاولون إنعاش شابًا يافعًا، أمعنت النظر فيه إنه ولدي وصرخت حينها ولدي ولدي.. أبعدوني عنه لقد كانت الدماء تغطي وجهه وكان غائب عن الوعي، قال لي الأطباء لقد أصيب بشظية في رأسه وسيتم نقله إلى المشافي التركية بسبب سوء حالته الصحية، حاولت الصعود معه في سيارة الإسعاف ولكنهم منعوني من ذلك لأن الدخول إلى الأراضي التركية كان ممنوعًا لغير المرضى، لم يكن بوسعي سوى الدعاء له بأن يشفيه الله ويعيده لي سالمًا.
أمضيت عدة أشهر أنتظر عودته إلينا سالمًا، لقد نجا من الموت، لكنه أصيب بشلل في الأطراف، وفي يوم عودته إلينا رتبت المنزل وطلبت من زوجي أن يقوم بإشعال مولدة البئر لننير المنزل، خرج زوجي وإذ بصوت انفجار وصوت صراخ زوجي قد ملأ المكان، خرجت مسرعةً لقد كانت النار تلتهم جسد زوجي بدأت أصرخ بشدة ركض الجيران وتمكنا من إطفائه ونقلناه إلى المشفى، ولشدة حروقه وسوء وضعه الصحي تم نقله إلى تركيا.
جلست أبكي وأنتظر عودة ولدي وماهي إلا ساعات حتى توقفت سيارة اسعاف أمام المنزل لقد عاد ولدي أحمد، كان ممددًا على النقالة لا يستطيع الحراك، لم أستطع تحمل رؤيته على هذه الحال، تمالكت نفسي وحمدت الله على كل حال.
احضرت له معالجاً فيزيائياً بناءً على طلب الأطباء المختصين، ليقوم بعمل بعض التمارين الخاصة له بشكل دوري، أما زوجي فقد أصيب بحروق بليغة في رجليه، وبعد فترة شهرين وقفت سيارة الإسعاف أمام منزلنا عرفت بأن زوجي قد عاد إلينا، وعندما أنزلوه شاهدت نفس المشهد عند قدوم ولدي، لقد كان ممددًا على النقالة لا يستطيع الحراك بسبب تقطيع الأعصاب والأوردة برجليه ويديه من شدة الحروق، بكيت بشدة لم أستطع التماسك، وضعوه بجانب ولدي أيضا فهو بحاجة للدواء والمعالجة الفزيائية أيضاً، بعنا كل ما نملك من أراضي وغيرها، حتى أتمكن من دفع مستلزمات العلاج لهما حتى يشفيا ويعودا سندًا لي في حياتي.