معاناتي مع عائلتي في ظل الثورة
صبحية البيوش (كفرنبل-ادلب)
لدي من العمر42 عاماً، أقيم في منزل مؤلف من ثلاث غرف وهو قيد الإكساء في مدينة كفرنبل، كان زوجي شرطياً بقوات الأمن الداخلي بفرع المرور بريف دمشق، انشق عن قوات الأسد مع بداية الثورة، وذلك إيماناً وحباً بالحرية والكرامة، رزقنا الله بطفلين وأربع بنات أقمنا بمنزلنا ضمن غرفة واحدة، وذلك بسبب عدم إكتمال بناء المنزل، ولا نملك أثاث منزل كوننا لم نستطع إحضار أثاث منزلنا من دمشق بسبب الظروف الأمنية على الطرقات.
عانينا من صعوبة المعيشة كون عائلتي كبيرة، وزوجي يبلغ من العمر ما يقارب 50 عاماً، ولا يستطيع العمل لتأمين مصاريف المنزل والأولاد، والأسعار دائماً في ازدياد، وقلة فرص العمل المتاحة لزوجي، كما أن القصف الهمجي الذي تتعرض له المدينة من قبل قوات الأسد الظالم بالصواريخ والقذائف، كان له النصيب الأكبر في بؤسنا وشقائنا، فكنا نهرب من المنزل تارة الى بيت أهلي وتارة الى بيت أهل زوجي وأخرى الى البساتين.
كان زوجي يذهب في كل صباح يبحث عن عمل أو يعمل ما تيسر له، ويعود عند المساء ومعه بعض الخضروات ويقول لنا:” هذا ما استطعت أن احضره لكم، عملت ولكن بأجرٍ قليل”، كنت أشكره وأعد الطعام للأولاد وأطعمهم وأدعو الله أن يوفقه ويرزقه عملاً مريحاً.
وبعد فترة تمكن الثوار من تحرير المدينة بشكل كامل من حواجز قوات الأسد الظالمة، ظننا أن الأوضاع ستتغير ونعيش بأمان بعد أن تخلصنا ممن نغص علينا حياتنا، لم نكن نعلم أن هذا النظام المجرم لن يترك المدينة وشأنها، فقام بصب جام غضبه على الشعب الأعزل بطائراته التي لم تكن لتترك سماء المدينة، حيث أثخنت في ارتكاب المجازر وقتل المدنيين.
دخل فصل الشتاء والرياح بدأت تشتد والبرد أخذ يتسلل الى كل زاوية في المنزل، لم يكن لدينا المال لتأمين مادة المازوت، قمنا بإغلاق النوافذ بقطع القماش لتقينا من برد الشتاء، كونها لم تكن مكتملة ولا يوجد بها زجاج، حمل زوجي فأساً وخرج ليعمل بتقطيع الحطب عند أحد مالكي محلات بيع الحطب، ويعود في المساء ومعه بعض العيدان التي تكفينا ليوم، ثم يذهب لينام من شدة التعب والإرهاق.
كان الناس والجيران يشعرون بحالنا وفقرنا، فيقدمون لنا بعض الملابس القديمة من أجل أولادي، كنت غالباً غير قادرة على إخفاء دموعي على ماحل بنا وصار إليه حالنا.
انضم زوجي إلى الجيش الحر وأصبح يتقاضى راتباً شهرياً، لكن الأسعار كانت تزداد كثيراً والراتب لا يكفينا ثمن الخبز وبعض الطعام.
كنت أشعر بالخوف على زوجي من كثرة الهجمات الجوية التي تطال مقرهم، وكنت أطلب إليه البقاء في المنزل، فكان يقول لي: “لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”، فالوضع صعب على الجميع، كنت أشاهد الدمع في عينيه عند خروجه وهو ينظر إليّ وإلى الأولاد، وأدعو الله أن يصلح الأمور وتنتصر الثورة ويسقط نظام المجرم ويعود الأمن والأمان والاطمئنان الى البلد.