رغم قساوة الحياة كانت أمًا ومعيلًا لأطفالها
إيناس المحمد (كفرنبل -إدلب)
أصبح عمل المرأة في ظل الحرب من الضروريّات لصعوبة تأمين لقمة العيش، وبسبب الحاجة المُتزايدة إلى المال في ظل الغلاء المستمر، نجدُ إقبالًا كبيرًا من النساء على العمل لتأمين لقمة العيش لأطفالهنَّ في ظل غياب الزوج تحت ظروفٍ قسرية، فكان من الضرورة لكل امرأة سورية البحث عن عمل.
أم محمد تبلغ من العمر 35 عامًا توفي زوجها منذ 10 سنوات تاركًا خلفه ثلاثة أطفال، الكبير عمره خمس سنوات، لم يكن أمامها سوى أن تبحث عن عمل تؤمن من خلاله قوت أطفالها.
قررت أم محمد أن تتعلم الخياطة في معمل لأحد أقاربها، حيث عملت عنده لمدة خمسة أشهر حتى اتقنت الخياطة بشكل جيد وأصبح لديها مبلغ من المال يكفيها لشراء آلة خياطة تعمل عليها في منزلها.
كانت أم محمد صبورة قوية في سبيل إعالة أطفالها الصغار، وبعد اندلاع الثورة أقامت أم محمد دورات لتعليم الخياطة، فقد ازدادت حاجة المرأة الى العمل في ظل سوء الأوضاع المعيشية.
أقبلت النساء على أم محمد بشكلٍ كبيرٍ لأنها كانت متميزة ومتقنة لعملها، وكانت تعمل بجد على أمل أن يكبر أطفالها ويساعدوها في مصروف المنزل، ولكن الواقع كان عكس ما أرادت فقد كبر أطفالها وأصبح ولدها الكبير شابًا، ولكنه بقي دون عمل وكان جلُّ اعتماده على أمه، بالرغم من أنها كانت تطلب إليه أن يبحث عن عمل ويعتمد على نفسه.
كبرت عائلة أم محمد ولم يعد مردود الخياطة يكفيهم، فقررت أن تبيع الألبسة في منزلها، لكن لا تمتلك المال الذي يكفيها، فقامت باستلاف مبلغ من المال من أحد أقربائها وفتحت محل لبيع الألبسة والمواد غذائية في منزلها.
على الرغم من جميع المصاعب التي واجهتها لم تستسلم لهذا الواقع المرير، أصرت على تربية أطفالها وإعالتهم، وتمكنت بفضل عملها بجد ونشاط أن تعيد المال إلى قريبها الذي استدانت منه المال، وكانت دائمًا ما تدعو لابنها بالهداية.