بعد إصابة زوجي لم يبقَ لي أيُّ سندٍ أو مُعيل
أبلغُ من العمرِ 26 عاماً، من مدينة كفرنبل متزوجةٌ ولديَّ ثلاثة أولاد وزوجي يعملُ في مجال البناء.
ومع قيام الثورة في سوريا وبسبب حقد زوجي على نظام البعث قرر الالتَّحاق بصفوف المتظاهرين في المدينة هاتفاً بإسقاط النظام ومطالباً بالحريَّة والكرامة.
وبعد دخول قوات الأسد المدينة ونشر الحواجز فيها بدأ العناصرُ بمداهمة المنازل والاعتقالات الَّتي طالت الكثير من المدنيين، بِتُّ لا أرى زوجي في معظم الأحيان بسبب خوفه من الاعتقال.
في صباح ذات يوم داهمت قوى الأمن والشبيحة المنزل بعد أن طوَّقوا الحيَّ بشكلٍ كامل، حيث عاثوا في البيت تخريباً دون أن أستطيع فعل أيِّ شيء وبدأوا بالسؤال عن زوجي وتوجيه التهديد والوعيد إذا لم يسلَّم نفسه لهم سيخرجوننا من المنزل ويصادروه منا.
بعد مضي عدَّة ساعاتٍ عاد زوجي وأعلمته بما حصل فردَّ قائلاً: “لا تُبالي لقد سلكت طريقي ولن أتراجعَ عنه مهما حصل”، كان وضعنا الماديُّ سيئاً جداً ومع التحاق زوجي بصفوف الثوَّار ازداد الأمرُ سوءاً حتَّى وصلت لمرحلةٍ صرت آكل أنا وأولادي فُتات الخبز، وصار عندي هاجسٌ من مداهمة المنزل من قبل عناصر النظام ومن سماع أصوات الرصاص المتكررِ في المدينة.
وعند عودَّة زوجي إلى المنزل ذات يوم قال لي:” إنَّنا نُرتَّبُ لعملٍ عسكريٍّ لتحرير المدينة من الجيش” وبعد مرور عدَّة أيَّامٍ حصل تبادلٌ لإطلاق النار واشتباكاتٌ بين الثوَّار وقوات الأسد وعلى إثرها أصيب زوجي بطلق ناريٍّ في قدمه وتمَّ إسعافه إلى المشافي التركيَّة، كان أقربائي وأقرباء زوجي يقومون بزيارتي ويطلبون مني الهدوء والصبر، كنت أرى بنظراتهم لي نظرة الشفقة، لكن لم أكترث لهذا بل انتظرت حتَّى يعودُ زوجي سالماً.
وبعد مضي شهر عاد زوجي لكن برجل واحدة، لقد بترت ساقه، وحين شاهدَّته اغرورقت عيوني بالدموع وأصبح أولادي يبكون على حال والدهم، كان اللقاء قاسٍ جداً، وزوجي ينظر للأرض ويبدو على وجهه اليأس.
اقتربتُ منه وبدأتُ أُخفَّفُ عنه الألمَ والحزن وقلبي يتفطَّرُ عليه، لقد كانَ شابَّاً ومعيلاً للمنزل لكن لم يرضَ ألا يُشارك أهله وإخوته في المظاهرات بعد أن رأى العنف من قوات الأسد ضدَّ المدنيين، لقد خسر رجله لكن كسب محبَّة الناس وثقتهم.
( صبحية البيوش)