بعد وفاة زوجي أصبحتُ بلا معين
اسمي “سارة” أبلغُ من العمر ثلاثين عاماً، متزوَّجةٌ من ابن عمَّي منذُ أن كان عمري 18 سنة ولديَّ ولادان، وكان زوجي يعملُ في مجال البناء في لبنان، وبعد أن تزوَّجنا أقمنا في منزل عمَّي ريثما نتمكَّنُ من بناء منزلٍ صغيرٍ يأوينا أنا وأسرتي.
وعندما بدأت الثورة السُّوريَّة في عام 2011 ووصلت إلى بلدتي كان زوجي من أوائل المشاركين فيها، حيثُ كان يشرفُ على تنظيم المظاهرات المطالبة بالحريَّة وإسقاط نظام البعث الَّذي عاث في البلاد فاسداً وتخريباً، وأصبح زوجي لا يستطيعُ أن يسافر إلى لبنان للعمل وذلك بسبب حواجز قوَّات الأسد المنتشرة على الطرقات.
وبعد فترةٍ وجيزةٍ تحوَّلت الثورةُ إلى كفاحٍ مسلَّحٍ ضد قوى الأمن والشبيحة الَّذين استخدموا كافَّة الوسائل لقمع المتظاهرين العُزَّل، انضمَّ زوجي إلى إحدى مجموعات الثوَّار في البلدة، وبدأ يخرجُ في المعارك ضد جيش النظام إلى أن استشهد في إحدى معارك مدينة أريحا بريف إدلب.
عندما سمعتُ خبر استشهاده شعرتُ بأنَّ جبال الأرض كلَّها قد وقعت على صدري وخيَّم الحزنُ والألم عليَّ دون أن أجد أحداً يقفُ إلى جانبي وجانب أولادي حيثُ أصبحتُ بلا معينٍ ولا سند.
وبعد شهورٍ مضت على استشهاد زوجي بدأتُ بالتفكير في مستقبل ابنتي مروة التي تبلغُ من العمر 6 سنوات وابني محمد البالغ من العمر سنة واحدة، أخبرتُ الجميع بأنني سوف أذهبُ للبحث عن عملٍ أستطيعُ من خلاله تأمين متطلَّبات الحياة دون أن أطلب مساعدة أحد، فلم أجد سوى العمل في الأراضي الزراعيَّة رغم صعوبته، فلم يعارضني أحدٌ لأن الجميع يعلمُ حالتي التي أجبرتني على العمل.
استمريت بالعملِ في الأراضي الزراعيَّة لفترةٍ طويلةٍ إلى أن افتتح مشغلٌ لتعليم الخياطة في البلدة لمدَّة 6 أشهر، فقمتُ بالتقديم للعمل فيه كمستخدمةٍ وتمَّ قبولي فكانت فرحتي كبيرةً بعد أن تخلَّصتُ من عمل الأراضي الزراعيَّة الشَّاق، ولكن عندما أفكرُ في انتهاء عملي هنا وانقضاء الـ6 أشهر أصبحُ في حيرةٍ من أمري لأنَّ هذا العمل لن يدومَ لي، إلى أن مضت الأشهر المحددة وعدت للبحث عن العمل من جديد لأن العمل في الأراضي الزراعية لا يتوفر في كل الأوقات.