كانت سنداً لعائلتها رغم قساوة الحياة
مع بداية الثورة السورية التي عمت أرجاء البلاد، وبداية الانشقاقات عن نظام الأسد، فانشق زوج هالة الذي كان يعمل في سلك الشرطة بمدينة حلب، وجاء بها وبأولادهم إلى مدينتهم مدينة كفرنبل، ولأنهم لا يملكون منزلاً في مدينتهم فقد ضاق بهم الحال كثيراً واحتاروا في أمرهم وحزنت هالة جداً لما آلت إليه حياتها بعد أن كانت تعيش حياة مريحة في منزل كبير مع أطفالها وزوجها وكان منزلها مكتملاً من كل المتطلبات الضرورية والكمالية حيث لم يكن ينقصهم شيء مطلقاً ، ولكن هنا في مدينتهم اضطروا للسكن بغرفة صغيرة في منزل والد زوجها، وأخذ زوجها يبحث عن عمل وبحكم عمله السابق في الشرطة فهو لا يتقن أي مهنة، وتنقل من عمل إلى آخر عله يستطيع تأمين احتياجات عائلته، ولكنه لم يفلح بالبقاء بأي عمل، وأخيراً استدان من أحد أصدقائه مبلغاً مالياً ليفتتح دكان يعيش منه مع عائلته وبالفعل ، تمكن من افتتاح هذا الدكان وأحضر البضاعة وتحسنت حالتهم المادية قليلاً وأصبح يستطيع تأمين مصروف عائلته، وقرر أن يبحث عن منزل صغير يستقر به مع زوجته وأطفاله لينعم أطفاله بحرية اللعب كما في السابق، حيث أن والده كان دائم التضييق عليهم ويمنعهم من اللعب بحرية لأنه كان رجلاً عجوزا ويزعجه صراخ الأطفال الصغار، وفرحت هالة وزوجها بهذا الدكان كثيراً وكانوا يجمعون القرش فوق القرش كي يوفوا الدين الذي عليهم وتصبح البضاعة ملكاً لهم ، ولكن للأسف فرحتهم لم تكتمل ، ففي أحد الأيام و قد كان الوقت قريب الظهيرة، جاءت طائرة غادرة وصبت جام غضبها على هذا الدكان الذي افتتحه زوجها، وحولت الدكان بما فيه إلى ركام، أصيب زوجها بالصدمة، لأن ثمن البضاعة كانت ديناً في رقبته ولم يتمكن بعد من تأديته، وفي لحظة واحدة ضاع كل شيء يا لقساوة هذه الحياة، ولشدة صدمته عزل نفسه ولم يعد يكلم أحداً ولا يخرج لمقابلة أحد من أقربائه ولا حتى في أية مناسبة كانت ً. فكانت هي نعم الزوجة والرفيقة قالت له:” لا تيأس يا زوجي العزيز الحمد لله أنك لم تكن بداخل الدكان عندما جاءته تلك الصواريخ الغادرة فسلامتك لي ولأولادي تعادل لدي كنوز الدنيا”، وبحكم أنها تحمل شهادة جامعية أخذت هي بالبحث عن عمل وبالتقدم للمسابقات الوظيفية دون يأس، إلى أن تمكنت من إيجاد عمل وعملت بإحدى المنظمات، ثم بعدها تمكنت من الحصول على وظيفة في مدرسة كمدرسة، وبفضل جدها واجتهادها أصبحت سنداً لعائلتها.
(وفاء المحمد)