فراقهم مثل الجمرة تكوي جسدي
اسمي فاطمة متزوجة ولدي ثمانية أولاد، كان زوجي يعمل عامل بناء في لبنان حتى نستطيع تأمين احتياجات العائلة، وبعد ذلك تمكنا من بناء منزل صغير، وزوجت أولادي احمد وخالد وكانت فرحتي بزواجهم لا توصف.
وأصبح لدي احفاد من احمد وخالد، وكان خالد واحمد عمال يعملون في البناء واستطاع احمد بناء غرفة لها ولكن خالد اقامة في منزل جده.
ولكن جاء شيء لم يكن في حسبان أي أحد، الثورة السورية التي قدم فيها الكثير من الشباب أرواحهم فداء لهذا الوطن، الرحمة على أرواحهم جميعا رحلوا تاركين خلفهم امهات وزوجات واولاد.
فعندما اندلعت الثورة، وبدأت المظاهرات كان أولادي من أوائل المشاركين فيها وعندما تحولت المظاهرات إلى كفاح مسلح، قام ولدي احمد وخالد بالمشاركة مع الفصائل الثورية ومهاجمة حواجز نظام الأسد المنتشرة في البلدة، وكان احمد وخالد يأتوا إلى المنزل ليلاً ودون اخبار أحد، ولا يستطيعوا البقاء مدة طويلة خوفاً من مداهمة جيش نظام الأسد منازلهم.
وبعد فترة وجيزة قام قوات الأسد بمداهمة المقر الذي كان يختبئ به أولادي، فلم يستطيع ولدي احمد الركض مسافة بعيدة، وبدأت قوات الأسد بأطلاق الرصاص عليه وعلى رفاقه، فتكمنوا من إصابته واستشهد على إثرها، تاركا خلفه ثلاثة أولاد الكبير لا يتجاوز 5سنوات.
كان استشهاد أحمد بالنسبة لي مثل الجمرة التي تكويني في جسدي لقد رحل تاركا لي هماً لن انساه ابداً، وهو اولاده الصغار، وكنت دائما أردد على لساني “اللهم لا تنسيني ولدي احمد”، وفي إحدى الأيام جاءت ابتي وسألتني عن معنى هذه الجملة، فقلت لها الا تأتيني مصيبة على راسي غير استشهاد اخاك احمد.
ولكن بعد مضي فترة من استشهاد أحمد، جاء شيء وانساني استشهاده وهو اعتقال اخاه خالد من قبل مجهولين، الذين قاموا بتعذيبه حتى مات، وبعد فترة من اعتقاله قاموا برمي جثته وسط البلدة دون ان يراهم أحد، وكانت تظهر على جسده آثار التعذيب، فحرق قلبي عندما رأيت تلك الآثار، اردد واقول لله المشتكى.
ايناس المحمد